لأنا نفرض الكلام فيما إذا كان القائم باحدى اليدين ما لو قام مثله بالجملة ؛ لكان عجزا.
كيف وقد بينا فيما تقدم : أنه لا فرق بين العجز والمنع ، فاندفع ما ذكروه.
وما ذكروه من الاحتجاج بالإطلاق ؛ فعنه جوابان :
الأول : أنه إنما يكون حجة أن لو ثبت أن المراد به جهة الحقيقة دون جهة التجوز ؛ والقطع غير مساعد فيه ، والظن فغير ملتفت إليه فى العقليّات.
الثانى : أن ما ذكروه لازم عليهم فى العلل التى لا يتعدى حكمها إلى الجملة كما فى السّواد.
فإنه يقال : فى الإطلاق لمن قام السواد بأكثر أجزائه كالزنجى : أنه أسود ، مع الاتفاق على أن حكم السّواد لا يتعدى إلى غير الجزء الّذي هو قائم به [وسواء كان] (١) السّواد علة للأسود ، أو لم يكن ؛ فما هو عذرهم هاهنا ؛ هو عذرنا فى محل النزاع.
وأما ما ذكره الأستاذ أبو بكر : فى الإلزامات ؛ فغير لازمة.
أما الفعل : فلا نسلم أنه يوجب للفاعل حكما ؛ لما سبق تحقيقه فى الأفعال (٢).
فأما المعلوم ، والمقدور والمراد ، والمذكور فلا نسلم أنه حال ثابتة زائدة على نفس المعلوم ، والمقدور ، والمراد ، والمذكور ؛ بل المعلوم ، والمقدور ، وكل ما هو من هذا القبيل ؛ فهو قبل تعلق العلم به ، والقدرة ، والإرادة ، والذكر ، كهو بعد تعلقه / به ؛ لم يتغير حاله ؛ بخلاف من قام به العلم ، والقدرة ، وغير ذلك
فإن حاله بعد قيام هذه الصفات به ؛ مغاير لحاله قبل قيام الصفات به ؛ باتفاق القائلين بالأحوال.
والّذي يدل على أن كون المعلوم معلوما ؛ ليس حالا ثابتة له : أن المعدوم الممتنع الوجود ؛ معلوم كما تقدم (٣) وليست معلوميته حالا ثابتة له ؛ وإلا كانت الصفة الثبوتية ؛ قائمة بالعدم المحض ؛ وهو محال.
__________________
(١) ساقط من «أ».
(٢) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الثانى ـ الفرع السابع ـ الفصل العشرون : فى أن الفاعل لا يعود إليه من فعله حكم. ل ٢٥٤ / أوما بعدها.
(٣) راجع ما سبق فى الباب الثانى ـ الفصل الثانى. ل ١٠٧ / أ.