وإن سلمنا صحة ما ذكروه من الدلالة على وجوب متابعة الإمام ؛ ولكن لا نسلم دلالة ذلك على عصمته.
وما ذكروه من الدلالة عليه فهو منقوض بالقاضى ؛ فإنه يجب على الرعية متابعة [حكمه ، ومنقوض بالشاهد ؛ فإنه يجب] (١) متابعة الحاكم له فى قبول قوله ، ولم يشترطوا العصمة فى القاضى ، والشاهد إجماعا (٢). وكل ما يذكرونه فى ذلك ؛ فهو جواب فى فصل الإمام.
قولهم فى الشبهة الثالثة : إن الشريعة لا بدّ لها من ناقل معصوم.
سلمنا أنها لا بدّ لها من ناقل ؛ لكن لا نسلم أنه يجب أن يكون معصوما ، ولم قلتم إنه لا يكفى أن يكون قول الناقل مغلبا على الظن؟
وإن سلمنا أنه لا بدّ وأن يكون معصوما ؛ لكن لم قلتم أنه الإمام؟ وما المانع أن يكون الناقل المعصوم هم الأمة؟ (٣)
قولهم : عصمة الأمة موقوفة على دلالة النصوص ممنوع ؛ بل عصمة الأمة إنما هو مستفاد من دليل العادة ، وهو استحالة اجتماعهم على الخطأ ، عادة كما هو معروف فى كتب الأصول.
وإن سلمنا دلالة ما ذكروه على كون الناقل لذلك إنما هو الإمام المعصوم ؛ لكنه معارض بما يدل على عدمه ؛ وذلك لأنه لو كان الإمام المعصوم شرطا فى نقل الشريعة ؛ للزم منه تعطيل الشريعة ، فى وقتنا هذا ، وأن لا يكون الخصوم ، على دين الإسلام ضرورة اختفاء الناقل المعصوم ، وعدم معرفته كما هو مذهبهم (٤).
قولهم فى الشبهة الرابعة : لو لم يكن الإمام معصوما فبتقدير وقوعه فى المعصية ، إما أن يجب الإنكار عليه ، أو لا يجب. الخ. يلزم عليه القاضى والسلطان / / المنصوب من جهة الإمام ؛ فإنه غير معصوم بالإجماع فبتقدير وقوعه فى المعصية : إما أن يجب الإنكار عليه ، أو لا يجب.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) قارن به ما ورد فى المغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ٧٥ وما بعدها.
(٣) انظر المغنى فى أبواب التوحيد والعدل ٢٠ / ١ / ٧٨ وما بعدها ، وتفسير الرازى ١٠ / ١٤٨ ، ١٤٩.
(٤) انظر الأربعين فى أصول الدين للرازى ص ٤٣٧.
/ / أول ل ١٧١ / أمن النسخة ب.