(بِذَنْبِهِمْ) ، إذ (١) هو واحد منهم ، ولقال أيضا : عقرها ، ولم يقل : (فَعَقَرُوها) إذا لم يكن إلا من واحد عقرها.
وقد قال غيرنا : إن عاقر الناقة ، كان إنسانا واحدا ليس بجماعة ، وذكروا فيما في أيديهم من الأخبار ، أن عاقرها يسمى ب (قدار) (٢).
وتكذيب ثمود فإنما كان بما وعدها صالح صلى الله عليه إن عقرت الناقة من عذاب قريب أليم ، لا تكذيبها بما لم تزل به مكذبة قديما قبل عقر الناقة من عذاب الجحيم ، إذ يزجرها صالح صلى الله عليه وينهاها ، عما أتت في عقر (٣) الناقة بطغواها ، إذ يقول لهم : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥)) ، فتأويل ما ذكر الله من السقيا ، هو ما أعطى الله من لبن الناقة وسقى.
ومما يدل على ذلك قول الله سبحانه في الأنعام ، وهي الآبال : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١)) [المؤمنون: ٢١]. وقوله سبحانه : (وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٧٣)) [يس : ٧٣] والمشارب والسقيا ، هي الموارد والسقايا ، والدمدمة : هي التسوية ، والهلكة لجمعهم المفنية.
وتأويل قوله تبارك وتعالى : (فَسَوَّاها) ، إنما يراد به أدنى ثمود كلها وأعلاها ، ومن أضعف ثمود كلها وأقواها.
وتأويل : (وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥)) ، فقد يمكن أن وجهها ومعناها ، هو فلا يخاف أحدا ـ على الضمير (٤) ـ أن يراها بعد تدمير الله لها ، وما أنزل من الهلكة بها ،
__________________
(١) في (أ) : وإنما هو.
(٢) انظر تفسير الطبري ٢٧ / ١٠٢ ، ٣٠ / ٢١٤ ، وابن كثير ٢ / ٢٢٩ ، والقرطبي ٧ / ٢٤١ ، والبيضاوي ٥ / ٤٩٧ ، والسيوطي في الاتقان ٢ / ٢٦٨ ، والدر المنثور ٦ / ٣١٦ ، والثعالبي ٢ / ٣٣ ، ٣ / ١٦٣ ، وأبي السعود ٤ / ٢٤٢ ، وغيرهم.
(٣) في (أ) : أمر.
(٤) يعني على إضمار محذوف تقديره (أحدا).