لا تعقب عقبا (١) ، ولا تنسل عقبا ، من ولد ولا ذرية ، ولا يرجع بعاقبة مؤدية (٢). وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما.
تفسير سورة عبس
قال أبو عبد الله [محمد بن القاسم] : سألت أبي القاسم بن إبراهيم عليهماالسلام ، عن معنى قوله تعالى : (عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢))؟
هذا تأديب من الله تبارك وتعالى لرسوله أن لا يعبس في وجه الأعمى ، الذي يأتيه يطلب منه الاسترشاد والهدى ، والأعمى هاهنا : أعمى القلب ، وقيل في ذلك : إن الأعمى أعمى البصر ، قالوا : هو ابن أم مكتوم ، أتى النبي يطلب منه الهدى فأعرض عنه(٣) وليس ذلك كذلك.
ومعنى (عَبَسَ وَتَوَلَّى (١)) هو : عبس وتولى بكليته ، (أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢)) في معنى حين ، (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣)) هو : تعريف من الله أنه يعلم الغيب ، وأن الرسول لا يعلمه ، ومعنى (يَزَّكَّى) هو : يتزكى.
(أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤)) ، معنى (أَوْ يَذَّكَّرُ) : يعرف فتنفعه المعرفة.
(أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦)) هذا تأديب للنبي صلى الله
__________________
(١) في (أ) : بها يعقب تعقبا.
(٢) عن أبي خالد عن الإمام زيد عليهالسلام في قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) معناه : بسطها وكذلك دحاها.
وقوله تعالى : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) معناه : بيّن لها.
وقوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) معناه : من أصلحها (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) معناه : أغواها ، وقوله تعالى (وَلا يَخافُ عُقْباها) معناه : لا يخاف تبعة من أحد. غريب القرآن / ٣٩٢.
وعن الباقر والصادق عليهماالسلام في قوله (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) بين لها ما تأتي وما تترك (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) أي من أصلح ، و (مَنْ دَسَّاها) أي من عصى. مجمع البيان للطبرسي ٦ / ١٥٣.
(٣) أخرجه الترمذي ، وابن المنذر ، وابن حبان ، والحاكم ، وابن مردويه ، عن عائشة. الدر المنثور ٨ / ٤١٦.