حكم الله فيها وفي غيرها ، وما أمر به في (١) أحكامه من تنفيذها ، فهذا في وجوب الإمامة هكذا ، وكفى من أنصف ولم يحف بهذا ، مع حجج كثيرة تركت تكلفها ، وألقيت إليك منها جملها ، كراهية للاكثار (٢) ، واكتفاء بالاقتصار (٣) ، مع أخر لا بدّ (٤) من ذكر معترض عروضها ، وتكلف تبيين ما استتر من خفي غموضها ، فافهم نشر (٥) مذكورها ، واسمع لذكر منشورها ، بإذن واعية من واع ، وارعها رعاية انتفاع.
اعلم أن هذا العالم وما فيه معا ، لا يخلو من (٦) أن يكون محدثا مبتدعا ، من أحكم الحاكمين ، وأن يكون لواحد لا لاثنين ، فإذا ثبت أن ما وجد من العالم وتدبيره ، وما بني عليه من حكم تهييئه (٧) وتقديره ، لواحد حي ، حكيم عليّ ، ليس له ضد يناويه ، ولا ند يماثله فيكافيه ، ولا به آفة تضره ، ولا ضرورة تضطره ، إلى ما أحدث وصنع من بدائعه ، (وابتدع في الأشياء من صنائعه ، فكان كل ما أحدث من بديعه) (٨) ، واصطنع جل ثناؤه من صنيعه ، عن أمرين ، ولشيئين :
أحدهما : الاختيار فيما ابتدأ ، وحكمة (٩) ماضي إرادته فيما أنشأ.
والأمر الثاني : فإحكام تدبير (١٠) منشأه ، وتبليغه غاية مداه ، بإحداث ما لا يكون بلوغ المدى إلا به ، وما يريد الحكيم من إبقاء المنشأ بأسبابه ، من مواد الأغذية ، وحوط المنشأ من كل مفنية ، ثم يكون ذلك في لطف مدخله ، وحوط فرعه من الفساد وأصله ، على قدر حكمة تدبير المدبّر ، واقتدار قدرة العليم المقدّر ، فلا يمكن في حكمة التدبير ،
__________________
(١) في (ب) : من.
(٢) في (ب) : كراهية الإكثار. وفي (د) : كراهة للاكثار.
(٣) في (ب) : بالإقصار.
(٤) في (أ) : إلا بعد. مصحفة. وفي (ب) : مع أخرا لا بد. مصحفة.
(٥) في (د) : تسير. مصحفة.
(٦) في (أ) و (ج) : لا يخلو إما أن.
(٧) في (ب) : تهيئيه. وفي (د) : تهيئته.
(٨) سقط من (أ) و (ج) : ما بين القوسين.
(٩) في (ب) و (د) : وحكمة في ماضي.
(١٠) في (ب) : تدبيره.