طبقات ثلاث إلى حين فنائهم ، لا يخلون منها ، ولا منصرف لهم عنها.
أما الأولى منها : فطبقة التربية.
وأما (١) الثانية : فطبقة اعتمال الأغذية.
والثالثة : فاكتساب الحسنة والسيئة.
فهم في أولى طبقاتهم مكتفون بالآباء ، وفي الثانية مستغنون عنهم بالاكتفاء ، مؤدبون على (٢) المعرفة بحد الأغذية والبذور ، والفرق بين الضارّ والنافع فيها من الأمور. والثالثة فمحتاجون ما كانوا فيها ، وعند أول مصيرهم إليها ، إلى مرشد ودليل ، ذي عقاب وتنكيل ؛ ليكون (٣) ما أريد بهم من البقاء ، وخلقوا له من عمارة الدنيا ، وذلك عند بلوغ قوة الاحتلام ، وحركة شهوة ملامسة الإلمام ، لما بني عليه الناس من شهوة النساء ، لما في ذلك من زيادة النسل والنماء.
وكل ذلك من اعتمال الأغذية ، وما خصّ به الإنسان من الشهوة في البنية ، فلا بد فيه ، وفي الدلالة عليه ، من مرشد معرّف ، ومحدّد موقّف ؛ لأنه لو ترك الناس في الغذاء ، وما ركّبوا عليه من شهوة النساء ، بغير حد معروف ، ولا فرض عزم موصوف ، لم يكن أحد بمعتمله ، وما ملّكه الله من أهله ، أولى عند المكابرة من أحد ، إذا ولما فرّق بين سيّد وعبد ، ولو كان ذلك كذلك ، لصير به إلى الفناء والمهالك ، ولما أنسل ولا اغتذى ضعيف مع قوي ، ولا سلم رشيد من الخلق مع غوي ، ولبطلت الأشياء ، وفسدت الدنيا ، ولكنه جل ثناؤه ، وتباركت بقدسه أسماؤه ، جعل للناس في البديّ والدا ، وحد لهم به في الأشياء حدا ، أدّبهم جميعا عليه ، ونهاهم عن المخالفة له فيه.
__________________
(١) سقط من (ب) : أما.
(٢) في (أ) و (ج) : بالأكفياء. ويبدو أنها مصحفة. وفي (ب) : في المعرفة.
(٣) في (ب) و (د) : لكون.