فإن قالوا : ليست من دين الله ، لزمهم في إجماع من أجمع على إمامة أبي بكر أنهم لم يكونوا على دين الله.
وإن قالوا : الإمامة من دين الله.
قيل لهم : من أي دين الله؟! من الفرائض ، أم من السنن ، أم من التطوع؟! فقد زعمتم أن الدين لا يخلو من أحد هذه الثلاثة الوجوه.
فإن قالوا من الفرائض.
قيل لهم : كيف فرض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الإمامة لأبي بكر ، سماه لكم رسول الله صلى الله عليه باسمه وعيّنه ، أو دلّ عليه بصفته ، أو تركها شورى ، أو سكت فلم يقل من ذلك شيئا؟! ولا بد من إحدى هذه الخصال ولا خامسة معهنّ.
فإن قالوا : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله نص لنا أبا بكر بعينه واسمه ونسبه.
قيل لهم : فما بالهم وقفوا عنه ثلاثة أيام يشاورون فيه ، وقد سماه رسول الله باسمه ونصبه بعينه ، وما بال أبي بكر ، قال لهم : أنا أرضى لكم أحد هذين الرجلين ، فبايعوا أحدهما أبا عبيدة بن الجراح ، أو عمر بن الخطاب؟ فقال أبو عبيدة وعمر لسنا نفعل ولا نبايع أحدا إلا أنت ، ابسط يدك حتى نبايعك. فبسط يده فبايعاه (١). فسماه رسول اللهصلىاللهعليهوآله باسمه ونصبه بعينه؟! وهو يقول : بايعوا أبا عبيدة أو عمر! هذا خلاف ما فرض الله عليهم ، أن يكون رسول الله سماه وهم يتشاورون فيه! وهو أيضا يسمي لهم وينص على من لم يسمّه رسول الله ولم يرضه لهم!! ولا يجوز في فريضة الله خلاف ما فرض. مع أنهم إن كانوا تركوا رسول الله صلىاللهعليهوآله لشك منهم في قوله كفروا ، وإن كان لخلاف منهم فقد عاندوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ومن عاند رسول الله فقد كفر.
وإن قالوا : لم يكن وقوفهم تلك الثلاثة الأيام لشك منهم في قول رسول اللهصلىاللهعليهوسلم! ولكنهم وقفوا ليجتمع الناس من غاب وحضر.
__________________
(١) انظر القصة ، وهذا النص بعينه في تاريخ الخلفاء أو الإمامة والسياسة لابن قتيبة ١ / ٩ وفي كتب التاريخ عامة التي أرّخت لتلك الفترة الزمنية.