إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) (١٢٥) [التوبة : ١٢٤ ـ ١٢٥]. فجعله الله لأعدائه ولمن لم يقبله وعمي عنه رجسا وتبارا ، كما قال سبحانه : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) (٨٢) [الإسراء : ٨٢].
(لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٤٢) [فصلت : ٤١ ـ ٤٢]. فكتاب الله إمام لكل مهتد من خلق الله رشيد ، أعزّه الله (١) عن الوهن والتداحض فلا يتصلان به أبدا ، ومنعه من أن يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إذ حفّه بالنور والهدى ، فنوره وهداه مقيمان أبدا معه ، مضيئان مشرقان لمن قبله عن الله وسمعه ، ساطع فيه نور شمسهما ، (٢) بيّن هداه ونوره لملتمسهما ، لا يميلان بمتبع لهما عن قصده ، ولا يمنعان من طلب رشدهما عن رشده ، بل يدلانه على المراشد المرشدة ، ويقصدان به الأمور المعدة ، (٣) التي لا يشقى أبدا معها ، ولا يضل أبدا من اتبعها ، فرحم الله امرأ نظر فيه فرأى سعادته ورشده وهداه ، فجانب شقوته وغيّه ورداه ، قبل أن يقول في يوم القيامة مع القائلين : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) (١٠٦) [المؤمنون : ١٠٦]. فضلال من ترك كتاب الله لا يغبى ، (٤) إلا على من لم يهبه الله عقلا ولبّا ، كتاب نزله (٥) الله الرحيم الأعلى ، برحمته من فوق السماوات العلى ، فأقر في أرضه قراره ، وبثّ في عباده أنواره ، فنوره ظاهر لا يخفى ، وضياءه زاهر لا يطفأ ، مشرق (٦) نوره بالهدى يتلألأ ، كما قال سبحانه تبارك وتعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٣٢) [التوبة : ٣٢]. فأبى الله سبحانه إلا تمامه فتم ، وخاصم (٧)
__________________
(١) سقط من (ب) و (ج) : الله. وفي (أ) و (د) : الله من.
(٢) في (ب) و (ج) و (ه) : شمسها (مصفحة).
(٣) في (ب) و (ج) : المستعدة (مصفحة).
(٤) لا يغبى : لا يخفى.
(٥) سقط من (ج) : كتاب. وفي (ج) : أنزله.
(٦) في (ب) و (ج) و (ه) : نوره مشرق (زيادة).
(٧) في (ب) و (ج) : إلا إتمامه. وفي (ب) : من خاصم (مصفحة).