به من هدي لرشده من خلقه فخصم ، برهانه منير مضيء ، وتبيانه مسفر جلي ، فهو من إسفاره وتبيانه ، وهداه ونوره وبرهانه ، كما قال الله سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (١٧٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (١٧٥)) [النساء : ١٧٤ ـ ١٧٥].
فمن اعتصم بنور كتاب الله وبرهانه ، واتبع ما فيه من أموره وتبيانه ، أدخله الله كما قال سبحانه مدخلا كريما ، وهداه به كما وعد صراطا مستقيما ، ومن أبصر به واهتدى ، لم يعم بعده أبدا ، ومن عمي عنه فلم (١) ير هداه ، وتورط من غيّه ورداه ، في بحور ذات لجّ من الجهالات ، وتخبط في غور لجج من الضلالات ، لا يخرج من تورط فيها من ضيق غورها ، ولا ينجو غريق بحورها ، من نار (٢) تبوبها ، وحيرات سهوبها (٣) ، فلا صريخ له (٤) فيها ينقذه من تبّ ، ولا هاد (٥) يهديه منها في سهب ، فهو في (٦) لج بحورها في تبوب ، ومن ضلالات غورها في سهوب ، متحيّر بين هلكة وثبور ، وضلال حيرة في ظلمة (٧) وبحور ، موصول ضلاله وعماه ، بما هو فيه من عاجلته ودنياه ، بعمى من الآخرة لا يبيد ، (٨) بل له فيها البقاء أبدا والتخليد ، كما قال سبحانه : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢)) [الإسراء : ٧٢] ، فمن لم يستدل على أمر دنياه وآخرته بكتاب الله فلن (٩) يصيب عليه أبدا دليلا ، ومن لم
__________________
(١) في (ج) : فلن.
(٢) في (أ) : من ثارات تبوبها (مصفحة) والتّبوب : المهلكة. وفي (ج) : من نارات ، وحيران. وفي (د) : ثارات تنوبهما وحيران.
(٣) السهوب : الفلوات.
(٤) سقط من (ج) : له. والصريح : المنقذ.
(٥) في (ج) : تبب. وفي (أ) و (د) : ولا هادي له.
(٦) سقط من (ج) و (د) : في.
(٧) سقط من (أ) : ظلمة و.
(٨) في (ب) : لا تبديل (مصفحة).
(٩) في (أ) : فلم.