والبر والإخاء ، فحكم الله جل ثناؤه في أوليائه ، ثم حكم الله سبحانه (١) بعد في أعدائه ، بخلاف ما حكم به للأولياء ، (٢) تفريقا بين مفترق الأشياء ، كما قال جل جلاله فيما نزل من الفرقان : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (٢٨) [ص : ٢٨] ، وقال سبحانه : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣٦) [القلم : ٣٥ ـ ٣٦] ، وقال تبارك وتعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (١٨) [السجدة : ١٨] ، فلم يسو بينهم عند ذي علم ، في اسم منه لهم (٣) ولا حكم ، وكان حكمه تبارك وتعالى على أعدائه ما (٤) لا يجهله ذو علم ، من لعنته وإخزائه ، ومقته لهم وإقصائه (٥) ، وما حكم به من هجرتهم على أوليائه ، وما وكّد على العباد من فرضه ، في مجانبه كل مجرم وبغضه ، وما أوجب الله على الأبرار ، من الهجرة للظالمين في المحل والدّار ، وما ألزم الظالمين من الصّغار والذل ، وما حكم به على بعضهم في ظلمه من القتل ، وعلى بعضهم من القطع والصلب ، وعلى بعضهم من السجن وألوان النكال والضّرب ، وما أوجب الله على الظالمين من الخزي في الظلم ، وما حكم به عليهم في ذلك من الحكم ، فما لا يعمى عنه من نوّر الله قلبه في معرفة الحق بضياء ، ولا يخفى على محجوج من الخلق (٦) فيما يخفى عليه من الأشياء ، ولا يحق لمن جهله حقيقة الإيمان ، ولا يتم لمن عطّله مثوبة الإحسان ، بل يحيط الله عمله ، بما جهل منه وعطّله.
__________________
(١) سقط من (ب) و (د) : حكم الله سبحانه.
(٢) في جميع المخطوطات : لأوليائه. لكنه ظنن في (د) : ب (للأولياء) ، ولعله الصواب.
(٣) سقط من (ب) و (د) : لهم.
(٤) سقط من (ب) : ما.
(٥) في (ب) : وقضائه (تصحيف).
(٦) سقط من (أ) و (ج) : من الخلق.