وبغض من عصى الله قريبا كان أو بعيدا (١) ، فإن حب الباطل يدخل النار ، وحب من أحب الله قريبا كان أو بعيدا يدخل الجنة.
قال الوافد : كيف أحب من أطاع الله قريبا كان أو بعيدا؟
قال العالم : يسوؤك ما يسوؤه ، ويضرك ما يضره (٢) ، ويسرك ما يسره ، وتدخل السرور عليه ، فإن كان أعلم منك تعلمت منه ، وإن كنت أعلم منه فعلّمه ، وحفظته في محضره ومغيبه ، وواسيته وأعنته ، ورعيت صحبته ، وجعلت ذلك لله وفي الله ، ولا يكون في ذلك منّ ولا أذى.
قال الوافد : فما وراء ذلك يرحمك الله؟
قال العالم : الحياء من الله.
قال الوافد : بيّنه لي؟
قال العالم : ذلك على ثلاثة وجوه :
أولهن : أن يعلم العبد أن طاعة الله عليه واجبة ، وأن رزقه على الله ، أفلا يستحيي العبد من الله أن يراه حريصا على رزقه ، كسلانا عن طاعة ربه ، يمن على قوم أجسادهم (٣) معافاة ، وعقولهم ثابتة ، وقلوبهم آمنة ، ونفوسهم طيبة ، قد أحسن الله إليهم (٤) ، فلا ينظرون إلى شيء من قدرة الله ، ولا إلى نعمه عليهم فيشكرون ، ولا إلى من كان من قبلهم فيعتبرون ، ولا إلى ذنوبهم فيستغفرون ، ولا إلى ما وعدهم الله في الآخرة فيحذرون ، أفلا يستحيي من آمن بالله أن يراه الله مع أولئك مقيما ، لا بثا ساكنا ومؤانسا ، حاضرا مجالسا.
وأما الثاني (٥) : فإن الله أعطى وقضى يعطي وهو راض ، أفلا يستحيي العبد أن
__________________
(١) وفي (أ) : مثله. غير أنه قال : ومن أحب من أحب الله قريبا كان أو بعيدا.
(٢) سقط من (أ) و (ب) : ويضرك ما يضره.
(٣) في (أ) و (ج) : أجسامهم.
(٤) في (ج) : بهم.
(٥) في (أ) و (ب) : الثانية.