ضيع حياته ، أندم الناس من عطّل (١) ساعاته ، أقوى الناس من مات على التوبة ، رأس مالك في الدنيا الطاعة ، التقى أفضل بضاعة ، من أمّل الله أعطاه ، من سأل الله بلّغه سؤله ومناه ، أسلم الناس من خمل (٢) ذكره ، وكثر شكره ، من رضي بالقضاء ، سلا (٣) عما مضى ، كيف لا يهتم ولا يغتم؟! من لا يدري العمل (٤) بما يختم ، كيف يهنأه رقاده؟! كيف يتوسد وساده؟! كيف يسكن نفسه وفؤاده؟! وهو لا يدري أمن أهل الشقاوة أم من أهل السعادة؟! (كيف يسكن إلى الدار والجار؟! ويقر به القرار؟! ويأكل في الليل والنهار؟ من هو موعود بعذاب النار ، وغضب الجبار) (٥).
[قال الوافد : ما أعمل كي أنجو من النار]؟
قال العالم : لا تقصر في عمل الأخيار ، ولا تسلك سبيل الفجار ، ولا تكسب الأوزار ، وأطع ربك في الليل والنهار ، (ولا تأمن فتغتبن ، ولا تجمع فتفتتن) ، تجوّع (٦) ولا تشبع ، وتورّع ولا تطمع ، وخف واحزن ، فمنزلك القبر وثوبك الكفن ، كيف يلهو بالملاهي؟! من بين يديه الدواهي ، كيف يكتسب (٧) الآثام؟! من وكّل به الملائكة الكرام ، وكيف يضحك ويفرح؟! من عليه غدا يصرخ؟! (٨) وللدود والهوام يطرح ، كيف يفرح ويستر؟! من يموت ويقبر.
__________________
(١) في (ج) : ضيع.
(٢) في (ب) : من أمل الله أعطاه الله مأموله ، من سأل الله بلغه مسئوله. وفي (ج) : أحب الناس. وفي (ج): من حمد.
(٣) في (ج) : من قنع بالعطاء ، تسلا.
(٤) في (ب) : أي عمل.
(٥) سقط ما بين القوسين من (أ) و (ج).
(٦) سقط ما بين القوسين من (أ) و (ج). وفي (أ) و (ج) : ولا تجوع.
(٧) في (ب) و (ج) : يكسب.
(٨) من الصراخ ويحتمل أن تكون من له غدا يفرح ، وهو أنسب لما بعده.