مثبور ، يا من اطمأن بدار (١) الغرور ، يا من قدم غير معذور ، ما حجتك (٢) في يوم النشور؟ ما أتركك لصلاحك! (٣) ما أغفلك عن أخذ زادك! مهلا عن التفريط ، مهلا عن التخليط ، مهلا قبل البين والفراق ، يوم تلتف الساق بالساق ، قبل مجيء (٤) ما لا يطاق.
قال الوافد : يا عجبا من هذه الدنيا ما أمكرها! ما أخدعها ، ما أخورها ، (٥) ما أدبرها! ما أقل نفعها! ما أكثر ضرها! (تحلو وتمر ، ما للدنيا بقاء ، ما للدنيا وفاء ، الدنيا بلاء ، لا يجمعها ذو تقى ، ما أكثر تخليطي ، ما أكثر تفريطي) ، (٦) ما أغفلني عن أعمالي ، ما أقبح أفعالي ، إلى كم أغتر بآمالي ، كم أخوّف ولا أخاف ، كم أعرّف ولا أعرف ، كم أصر على الذنوب ولا أنصرف؟! كم يمهلني ربي ولا أعترف؟! إلى متى أقول : عسى وسوف؟! وأدخل الحرام الجوف ، أدخلت في قلبي الظلمة ، (٧) غفلت عن الطاعة ، (٨) وكفرت بالنعمة ، نسيت الجريمة ، واستعملت النميمة.
قال العالم : اعترف بذنبك ، وارجع إلى ربك ، واندم على (٩) فعلك ، ولا تستقل القليل ، ولا تنم الليل الطويل ، فإن أظلم الناس من ظلم نفسه ، وأضيع الناس من ضيع يومه وأمسه ، وأسرق الناس من سرق من صلاته ، وأبخل الناس من امتن بزكاته ، أذل (١٠) الناس من أساء عمله في خلواته ، أجلد الناس من غلب شهواته ، (١١) أغفل الناس من
__________________
(١) في (أ) و (ب) : إلى دار.
(٢) في (ب) : ما حيلتك يوم.
(٣) في (ب) : لصلاتك.
(٤) في (ب) : قبل التقاء الساق بالساق. وفي (ب) : محن. وفي (ج) : حمل.
(٥) في (ب) : وأخدعها. وفي (ج) : ما أجورها.
(٦) سقط ما بين القوسين من (أ) و (ج).
(٧) في (أ) و (ج) : إلى متى توبتي أسوّف.
(٨) لعله سقطت هنا جملة.
(٩) في (أ) : من.
(١٠) في (ب) : أنذل.
(١١) في (أ) و (ج) : شهوته.