فإذا خيّلت لك نفسك أنك من الصالحين ، فحقق ذلك بخمسة أشياء ، واختبر بها نفسك ، وهي :
ـ الأخذ والعطاء.
ـ والفقر والغناء.
ـ والعز والذل.
ـ والمدح والذم.
ـ والموت والحياة.
فإذا وجدت قلبك يميل إلى واحدة منهن دون الأخرى ، فاعلم أن الذي أنت تزعم باطل ، وهذا من تخيل النفس ، وأنت مغتر فيما تدعي ، لم تنل شيئا مما ناله البررة الصادقون.
واعلم أن لكل شيء حقيقة ، ولكل صدق علامة ، فحقيقة (١) المعرفة معرفة النفس ، فمن عرف نفسه فقد عرف ربه ، وحقيقة الصدق (٢) الانقطاع إلى الله ورفض الدنيا ، فمن عرف ربه عبده ، ومن عرف الدنيا زهد (٣) فيها ، فمن عرف الله أحبه ، (٤) ومن أحبه لم يعصه ، وعمل بما يرضيه ، وإن نعيم المحب العارف ساعة واحدة أكبر وأجلى وأطيب وأعلا من نعيم أهل الدنيا بنعيمهم ، من يوم خلقهم الله إلى (٥) أن يفنيهم ، وإن الله (٦) رفيع الدرجات ذو العرش له الدنيا والآخرة ، حبيبهم به يستأنسون ، وعلى بساط قربه يتقلبون ، وفي جزيل كرمه يتنعمون ، وبذكره يتلذذون ، وبالوصول إليه يفتخرون ، قد وعدهم من جزيل عطائه ، وسعة رحمته ، ومكنون فضله ، ما يعجز عنه الواصف ،
__________________
(١) في (أ) : وعلامة.
(٢) في (أ) : ومن عرف ربه عمل بحقيقة التصديق والانقطاع إلى الله وعرف.
(٣) سقط من (أ) : ربه عبده ومن عرف. وفي (أ) : الدنيا فيزهد.
(٤) سقط من (أ) : فمن عرف الله أحبه.
(٥) في (أ) : وإن من نعيم. وسقط من (ب) : العارف. وفي (ب) : أكثر. وفي (أ) : مهملة. فلعل الصواب أكبر. وسقط من (أ) : وأطيب. وفي (أ) : نعيم الدنيا وأهلها. وفي (ب) : إلى آخر ما.
(٦) سقط من (ب) : الله.