جعل الله للخالص (١) إلى الرخصة سبيلا ، فمن كان لله أعرف ، فهو له (٢) أخوف ، فينبغي لمن أراد الإخلاص في عمله ، ألا تسكن روعته ، ويكون خائفا وجلا حزينا ، وهذا (٣) إذا كان الخوف والحزن وافقهما القبول من الله عزوجل (٤). لأن الخوف والحزن ينوران الإخلاص ويزينانه ، (٥) وكل عمل لم يكن يوجل عليه القلب فقد حفت (٦) به الآفات من حيث لا يشعر ، لأن لأعمال الطاعات ، آفات مختلفات ، ليس يعرفها كل (٧) مطيع ، وذلك أن المطيع ربما هاج منه (٨) العجب والرياء والفخر والأمان ، من غير أن يعلم بها ، فلا يغفل المخلص عن ذلك ، في ليله ونهاره ، وحركته وسكونه ، وذلك مما يدخل عليه من تمويه (٩) النفس وتلبيس الهوى.
قال الوافد : صف لي صحيح (١٠) الإرادة؟
قال العالم : إذا علم الله من قلبك صحة الإرادة ، وإخلاص العمل ، أوصلك إلى الخير ، (١١) وهدى قلبك ، ويسر أمرك ، وجمع شملك ، (١٢) وهوّن عليك الصعوبة ، وقمع عنك الشهوات ، وبغّض إليك الدنيا ، وبصّرك عيوبها وأدواءها (١٣) حتى تعافها ، وإذا عرف الله منك الصدق والاجتهاد ، وعلم أنك لا تختار عليه غيره ، قبل الله سعيك ،
__________________
(١) في (ب) : واجتهادا في العبادة ، وما ازداد عند الله خشية إلا ازداد عند الله عبادة وهيبة. وأشار في (ب) بنسخة أخرى : للمخلص.
(٢) في (ب) : لله.
(٣) سقط من (ب) : هذا.
(٤) في (أ) : عن الله عزوجل قبول.
(٥) في (ب) : لأن الخوف والحزن معدنان للصفاء ومخ الإخلاص.
(٦) سقط من (أ) : حفت.
(٧) في (ب) : إلا كل. ولعل (إلا). زيادة.
(٨) في (ب) : أن الطاعة ربما هاج من صاحبها.
(٩) في (ب) : أهوية.
(١٠) سقط من (أ) : صحيح.
(١١) في (ب) : الخيرات.
(١٢) سقط من (أ) : جمع شملك.
(١٣) سقط من (أ) : وأدواءها.