وشكر عملك ، وصار اجتهادك تلذذا وحلاوة ، فإذا رآك الله تعمل على الحلاوة ولا تتوانى ، ولا تختار عليه الدنيا ، ولا تتبع هواك ، ولا تطلب شهوتك ، قبل الله منك عملك ، ونثر عليك من صفاء بره ، ونشر عليك من محزون رحمته ، وكثّر عليك من عطائه ، ومنحك من خزائن جوده ، وجزيل مواهبه ومعونته ، ما تقر به عينك ، وما إذا رأيته زادك اجتهادا وخوفا وعزما ، ونضّر أثر ذلك عليك ، وأورث قلبك النور والتقى والهدى ، والشبع من الدنيا ، وأغناك عمن دونه ، وأعطاك من عطائه ، ما لم يحسن أن تتمنى قبل ذلك ، والله كريم يقبل اليسير ، ويعطي عليه الثواب الكثير (١).
قال الوافد : كيف أخلص العمل؟
قال العالم : إنك لا تدرك إخلاص العلم إلا بالعزم ، ومن كمال العزم (٢) قلة التسويف ، ولزوم الصدق ، وتمام النية ، ومن تمام النية إخلاص العمل ، ومن إخلاص العمل الصدق ، ومن الصدق نقاوة القلب ، ومن تمام نقاوة القلب ستة عشر خصلة بعضها على أثر بعض ، وهي درجات الصالحين :
أولها : الإنابة إلى الله سبحانه.
ـ وترك التزين من نفسك ، وترك التصنع للناس ، وترك الحسد.
ـ ورفض (٣) الشهوات.
ـ والزهد في الحطام.
ـ والتجافي عن دار الغرور.
ـ والاستعداد للموت.
__________________
(١) في (أ) : فتعرف زوالها وانتقالها ، فتحرص في التزود منها للآخرة ، فعند ذلك يشكر الله سعيك ، وتجد لإخلاصك واجتهادك حلاوة ، فإذا رآك الله تعمل ولا توانى ولا تختار على طاعته الدنيا ، قبل الله منك عملك ، ونشر خزائن جوده وجزيل مواهبه ما تقر به عينك ، والله كريم يقبل اليسير ويعطي ويجازي بالجزيل.
(٢) سقط من (ب) : ومن كمال العزم.
(٣) في (أ) : وترك.