إن زال عنه شراه (١) لغلائه ، لم يكن يجب عليه وإن حضر شيء من شرائه ، وهم يوجبون عليه إذا رخص شراه ويرونه بذلك واجدا للماء ، وهذا فهو الأصل فيما أوجبنا عليه من شرائه في الغلاء ، ولما حددنا من قولنا في الطهارة فروع كثيرة متفرعة ، وهي كلها وإن كثرت ـ والله محمود ـ فيما بيّنا من أصولها مجتمعة.
ومن ذلك إن سأل سائل عن عدد الوضوء فيما يجب عليه ، من غسل كل عضو وبيّنا فيه ، وليس لشيء من ذلك عدد يحصى ، بأكثر من أن يغسل ويوضأ فينقى ، وتحديد ذلك جهالة وعمى ، إذ كان باسم الغسل مسمى ، لأن (٢) الله سبحانه قال : (فَاغْسِلُوا) ، فقد غسلوا أكثروا بعد الغسل أو أقلوا.
فإن سأل سائل عما يجب من الوضوء على كل من كان نائما؟
قيل : قد فرغ من هذا فيما أوجبنا من الوضوء عند كل صلاة على كل مستيقظ قاعدا كان أو قائما.
فإن قال : فإن نام في الصلاة نفسها ساجدا ، أو نام فيها قائما أو قاعدا؟
قيل : وهذا أيضا قد أجبنا عنه وسواء ذلك كله كيف ما كان إذا حق فيه النوم وسمي باسمه ، فهو كله نوم والحكم فيه كحكمه.
ومن سأل عن مسح الرأس يبل من الماء ، على بعض ما قد وضّي من الأعضاء ، هل يجزيه ذلك فيه أم لا؟
قيل : لا يجزيه إذا كان بللا.
ألا ترى أن متوضئا لو وضأ بماء عضوا من أعضائه ، لم يجز له أن يوضي غيره بماء وضاه به من مائه ، وماؤه أكثر وأنقى وأشبه بالكفاية والرضا ، من بلل يكون على عضو من الأعضاء ، فلا يجزيه إلا مسح رأسه بماء جديد ، وأن يأتي في مسحه على القريب منه والبعيد ، مما قبل منه أو دبر ، وكل ما أنبت منه الشعر ، لأن الله سبحانه أمره بمسحه ، كما أمره بغسل يديه ووجهه ، فعليه مسحه كله جميعا ، كما عليه غسل
__________________
(١) أصلها : شراؤه.
(٢) في المخطوط : إن ولعلها كما أثبت.