وقال تبارك وتعالى لموسى فيها قبل وصيته لعيسى صلوات الله عليهما ، والحمد لله على ما جعل من الرسالة فيهما : فأخبر سبحانه بما جعل من ذكره بها وفيها ، وإنما الذكر يقول من أجل ما فيها ، من إجلال أمري وما يكون من القيام لها وإليها ، من خواطر ذكري وإجلالي فيها ، كما يقال فعلت ذلك لذلك ، كذلك (١) فرضت الصلاة لما قلنا من هذا ، وكان ما قلنا من علل ما جعلت له الصلاة فرضا ، (٢) ما يقول سبحانه لرسوله ، صلىاللهعليهوآله : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) (١٣٢) [طه : ١٣٢]. فكفى بهذا في تعظيم الصلاة تبيانا ونورا من كل ظلمة وعشوى ، وكانت عند الله قربة من مصلّيها وطاعة ورضى.
وفي الصلاة وأمره بها ما يقول مرارا كثيرة رب العالمين ، لمن استجاب له بالايمان من المؤمنين : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٥٦) [النور : ٥٦]. وفيها وفي فرضها وتكريمها ، وما ذكر من أمرها وتعظيمها ، ما يقول سبحانه : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (١١) [التوبة : ١١]. فلم يعقد سبحانه الإخاء والولاء ، إلا بين من زكى وصلى.
ومما يدل من فهم عن الله تبارك وتعالى على تعظيم ، قدر الصلاة ما قال العليم الحكيم : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥) [التوبة : ٥]. فلم يزل ـ سبحانه وتعالى حكمه بتقتيلهم ، (٣) ولم يأمر تبارك وتعالى بتخلية سبيلهم ، وإن تابوا ولم يشركوا ـ حتى يصلوا ويزكوا.
وفيما أمر الله به المؤمنين من الصلاة ، وبعد الذي جعل بينهم بها من الإخاء
__________________
(١) سقط من (أ) : كذلك.
(٢) لعل هنا سقطا فالعبارة غير واضحة المعنى.
(٣) سقط من (أ) : حكمه.