فهو : لعن الإنسان ما أقل شكره ، وكذلك كل من كفر بآيات الله ، ولم يصر فيما أمر به إلى مرضات الله ، فمن كان كذلك ، أو عمل بذلك ، فهو الكافر غير الشاكر لما أولي ووهب له من النعم ، فأعطي في مبتدأ خلقه حين أنشي من نطفة من ماء مهين فحفظ في الرحم ، في مستقره فأتم تقديره ، وحسن تصويره ، ثم يسّر للسبيل الذي هو مخرجه من بطن أمه ، بعد كماله في لحمه وعظمه.
٦٥ ـ وسألته : عن قول الله سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) [النساء : ١١٦ ، ٤٨]؟
فتأويل ذلك : أن الله قادر على ما شاء ، من مغفرة أو تعذيب لمن خلق وإنشاء ، وليس ذلك خبرا من الأخبار ، أنه غير معذب لمن وعده بالنار ، لأنه جل ثناؤه لو لم يعذب من وعده بالعذاب ، من أهل الكبائر لكان في ذلك خلف وإكذاب ، لما وعد به في ذلك من الميعاد ، وفيما ذكر سبحانه من وفاء ميعاده ووعده في ذلك ، ما يقول سبحانه في كتابه : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (٣١) [الرعد : ٣١] ليس بين قوله سبحانه : (لا يَغْفِرُ) وبين : (يُعَذِّبُ) فرق ، لأن من لا يغفر له فقد عذبه ، ومن عذبه فلم يغفر له.
٦٦ ـ وسألته : عن : (مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الزمر : ٦٣ ، الشورى : ١٢]؟
فالمقاليد هي : المفاتيح ، ومفاتيح الغيب فهي المقاليد.
٦٧ ـ وسألته : عن قول الله سبحانه : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) [الحديد : ٢٢]؟
فالمصيبة في الأرض فهو : ما يكون في الأرض عامة ، والمصيبة في الأنفس فهو : ما يكون في الأنفس خاصة ، والكتاب فهو علم الله بذلك كله ، وما أحاط بالأرض والأرض يقينا من علمه ، فكل ذلك كما قال الله لا شريك له لا يؤده منه علم ما علم ، وقوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) ، فهو : من قبل أن يخلق الأنفس وإنشائها.
٦٨ ـ وسألته : [عن] (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [الإسراء : ١٣]؟
وطائره فهو : ما يلحقه وما يلزمه من خيره وشره ، فكله مكتوب محفوظ عليه ، إذا