موصوف (١).
وقلت : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٤٤) [المائدة : ٤٤] ما تأويلها؟
وتأويلها ـ استمتع الله بك وبنعمته عندك ـ هو تنزيلها (٢) ، وذلك أن من حكم بأحكام التنزيل بخلاف حكمه ، فهو غير شك من الكافرين به ، لأن من أحل ما حرم الله أو حرم ما أحل الله بعد الإحاطة بعلمه ، فهو من الكافرين بالله في حكمه ، لأنه منكر من حكم الله فيه لما أنكر ، ومن أنكر من أحكام الله [و] تنزيله حكما فقد كفر ، ولله أحكام هي ليس في تنزيل ، في تحريم من الله وتحليل ، ولكنها من أحكام التأويل ، حكم بتنفيذها والحكم بها ، فمن لم ينفذها ويقم إذا أمكنه تنفيذها ، فهو من الظالمين ، وفي تعطيلها من الفاسقين.
١٠٠ ـ وسألته عن : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) [الأنعام : ٨]؟
وكانوا يقولون لو لا أنزل عليه فيكون معه (٣) فيشهد له من رسالته بما ينكرون ، فقال الله سبحانه : (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) ـ فيهم بأخذهم ـ (ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) (٨) (٤) [الأنعام : ٨] ، يقول تبارك وتعالى : ثم لا يتركون ساعة ولا يؤخرون ، فما ينفعهم إذا أخذوا إيمانهم ، بعد رؤيتهم للعذاب وعيانهم.
ثم قال سبحانه : (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً) ما أيقنوه ، إلا أن يروه رؤية ويعاينوه ، وما كانوا ليروه عيانا ، إلا أن يجعله الله مثلهم إنسانا ، في الصورة والحلية ، وما للرجال
__________________
(١) لعل الزهري فسر الآية بالخارجين على سلاطين الجور من أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، وليس هذا ببعيد فقد كان الزهري كما ذكر التاريخ من شرطة بني أمية الذين يحرسون الإمام زيد بن علي وهو مصلوب لئلا تدفنه الزيدية. ووجدت رواية عن الزهري في تفسير (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) ، قال : نفيه أن يطلب فلا يقدر عليه ، كلما سمع به في أرض طلب. الدر المنثور ٣ / ٦٩. عند تفسير الآية ، ولمزيد من التوسع ارجع إلى اتهام الزهري للعلامة بدر الدين الحوثي بتحقيقنا.
(٢) يعني معناها واضح على ظاهرها.
(٣) في المخطوط : معه مشهد فيشهد. ولعلها زيادة.
(٤) في المخطوط : لا ينظرهم.