(١) ، فقد يصنع منهما صور وهيئات ، ويحدث فيها تماثيل مختلفات ، والذهب وإن اختلفت هيئاته ذهب على حاله ، وكذلك النحاس وإن كثرت فيه الصور فهو نحاس على حاله ، لم ينقل واحد منهما عن خليقته وذاته ، ما نقل عنه من متقدم صورته وهيئاته ، وإنما تبدو الملائكة إذا بدت بأمر الله وإرادته إلى البشر ، بما جعل الله لها وأحدث فيها من الهيئات والصور ، لا البشر بما لا يدركون ولا يرون ، من الصور والهيئات إلا ما يبصرون ، فجعل الله من الملائكة رسلا ، وجعل من شاء منهم كما شاء إن شاء رجلا.
وقال في ذلك [تبارك] وتعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١) [فاطر : ١] ، فالتبديل للخلق والزيادة ، ليست إبادة ، وكذلك من مسخه الله تبارك وتعالى قردا أو خنزيرا ، فإنما أحدث له عن هيئته وصورته تبديلا وتغييرا ، فبدّل هيئته وصورته ، وأقر نفسه وذاته ، ولو كان المسخ للممسوخ إبادة وافناء ، لكان ذلك فطرة وإنشاء وابتداء ، ولم يقل تغيير ولا مسخ ولا تبديل ، ولم يصح بذلك ـ إذا لم تكن الذات موجودة ـ خبر ولا قيل.
١٠١ ـ وسألته [عن] : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١١٠) [الأنعام : ١١٠]؟
فتقليب (٢) أفئدتهم وأبصارهم تضليله إياهم فيما يعملون ، وتركه تبارك وتعالى فيما هم فيه من ضلالهم يعمهون ، والتضليل من الله لهم ، فإنما هو بعملهم ، وسواء في المعنى أضلهم وضللهم ، كما سواء أكفرهم وكفّرهم ، ألا ترى أن من أضللت فقد ضللته ، ومن أكفرت فقد كفرته.
١٠٢ ـ وسألته عن معنى : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ) [الأنعام : ١٢١]؟
__________________
(١) هكذا في المخطوط ، ولم يتضح لي معنى العبارة.
(٢) في المخطوط : وتقلب. ولعل الصواب ما أثبت.