كثير فكيف يؤمن به ، ولم يحضر رجعته صلى الله عليه ، ومن لم يدرك دهره. وحديث رجعته فما قد جاءت به الأخبار من أنه صلى الله عليه يرجع إلى الدنيا ، نازلا من السماء ، فيحتج الله سبحانه على خلقه بما أبلغهم أولا ، ولرسوله محمد من الحق ، ويحتج لمحمد صلى الله عليه بما أبلغ قومه فيه من الإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه ، من آيات الله وكتابه ، ويأمرهم باتباع محمد صلى الله عليه ويبين لهم ما حرفوا من كتب الله في محمد صلى الله عليه ، والسلطان سلطان آل محمد (١) صلى الله عليه وعليهم وسلم.
وقالت المعتزلة : إنه لا يرجع إلى الدنيا وإنه توفاه الله ، وتأولوا فيه قول الله لا شريك له : (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) [المائدة : ١١٧] ، وقوله : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [آل عمران : ٥٥].
وقال : من خالفهم تأويل : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) تسليمه له غير مجروح ، ولا مكلوم ولا مصلوب ، كما قال الذين لا يؤمنون إنه صلب وقتل ، كذبهم الله تبارك وتعالى فقال : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) [النساء : ١٥٧] ، وأي القولين قيل ، واحتج به محتج ، فليس فيه بحمد الله ريعان (٢) ولا حرج ، ولا تستكثر من الله تبارك وتعالى أي ذلك ما كان ، لأن الله تبارك وتعالى ذو الحكمة والبيان.
١٩١ ـ وسألته : عن قول الله لا شريك له : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٥) [طه : ٥]؟
فقال : هو ملك وعلا ، وكذلك تقول العرب فيمن ملك بلدا ، وغلب ملكه فيه : إنه قد استوى عليه ، إذ ملك وغلب فيه ، وليس يتوهم ما ذكر الله من ذلك استواء مقعد ، ولا مشابهة في القعود بين الله وبين أحد ، وكذلك : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) [فصلت : ١١] ، فهو علوّه عليها ، ونفاذ أمره وخلقه وصنعه فيها.
١٩٢ ـ وسألته : عن قول الله سبحانه : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) [هود : ٧]،
__________________
(١) يعني : سلطان المهدي عليهالسلام.
(٢) الريعان : الاضطراب.