(وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [البقرة : ٢٥٥]؟
فقال : العرش ـ رحمك الله ـ والكرسي فإنهما ملك الله وسلطانه ، كما العرش والكرسي مقعد كل ملك ومكانه ، وليس يتوهم من آمن بالله أن ما ذكر الله سبحانه من كرسيه وعرشه ككراسي خلقه وعروشهم ، التي كانت تكون مقاعد لهم في ملكهم ، (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) وكان ملك الله على الماء ، إذ ليس إلا الماء ، كما ملكه اليوم على الأرض والسماء ، وعلى جميع ما فيهما من الأشياء.
وتأويل : (كُرْسِيُّهُ) إنما هو : وسع ملكه السماوات والأرض ، ووسعه لهما ، إحاطته بهما ، وقدرته عليهما ، وعلى كل ما فيهما.
١٩٣ ـ وسألته : عن قول الله سبحانه : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) [الشورى : ٥١]؟
فقال : ليس يتوهم عاقل أن احتجاب الله بإرخاء ستر ولا بإغلاق ، ولكنه كما قال سبحانه لعجز الأبصار عن دركه بالرؤية والعيان ، إذ يقول سبحانه : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) [الأنعام : ١٠٣] ، وهذا فهو أحجب الحجب ، وما لا يكون إلا الله تبارك وتعالى.
١٩٤ ـ وسألته : عن قول الله سبحانه : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) (٦٩) [الأنبياء : ٦٩] هل كان ذلك من الله للنار كلاما؟
فقال : هو مثل قول الله سبحانه : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤٠) [النحل : ٤٠] ، يخبر سبحانه أنه لا يمتنع عليه إذا أمر أمر ولا كون(١). وكذلك قوله : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) (٦٩) ، إنما هو ما صيّره الله فيها من النجاة والتسليم ، كما قال سبحانه : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ) [العنكبوت : ٢٤].
١٩٥ ـ وسألت : عن قول الله سبحانه : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ
__________________
(١) في المخطوط : عليه إذا أمرا أو لا كونا. وما أثبت اجتهاد.