أيستغفر لهم؟
قال : من كان والده أو ولده فسقة أو فجرة ، لم يحل له أن يستغفر لهم ، لأن الاستغفار طلب وشفاعة ، وقد قال الله سبحانه في الملائكة الذين اصطفاهم : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء : ٢٨] ، وقال سبحانه في إبراهيم صلوات الله عليه : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (١١٤) [التوبة : ١١٤].
وقال سبحانه : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (١١٣) [التوبة : ١١٣] ، فكذلك الاستغفار لا يحل لمن وعده الله بالعذاب الأليم ، لأن في ذلك طلبا لإخلاف الوعد والوعيد ، ولا يجوز طلب ذلك من الله الولي الحميد المجيد ، الذي لا يخلف وعده ، ولا يظلم أبدا عبده ، ولا تستوي منزلة الأبرار والفجار عنده ، كما قال سبحانه : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (٢٨) [ص : ٢٨] ، وقال سبحانه : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣٦) [القلم : ٣٥ ـ ٣٦] ، يريد سبحانه : ما لكم لا تفقهون ولا تعلمون.
٢١٦ ـ وسألته : عن رجل مات وعليه صلوات كثيرة فاتته ، أيقضيها عنه ولده من بعده؟
قال : الصلاة ـ يرحمك الله ـ لا يقضيها ولد عن والد ، ولا أحد من الناس كلهم عن أحد ، لأن الصلاة لا تكون أبدا إلا من مصليها ، ومن قصد إلى الله بها وخشع فيها ، وليست كالحج لأن الحج له بلغة ومعونة ، وفي الحج نفقة للحاج وكلفة ومئونة.
٢١٧ ـ وسألته : عن رجل له قرابات فسقة لا يصلون ولا يصلحون ، أيقطعهم أم يصلهم ، فإن قطعهم أيكون قاطعا لرحمه أم لا؟
قال : ليس لأحد من المؤمنين أن يواد أحدا من الفاسقين ، كان أبا أو ابنا أو أخا أو قرابة ، لقول الله سبحانه : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ