وسلم : يا علي ويا فاطمة إن الله قد فصل الفتنة على الذين يقولون : إنا لنعلم الذين صدقوا في قولهم ، ونعلم الكاذبين في إيمانهم ، فهذا وعد واقع واجب.
ثم أنزلت : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٤) [العنكبوت : ٤] ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا علي ويا فاطمة قد علم الرب أن أقواما من بعدي عند الفتنة سيعلمون السيئات ويحسبون أنهم سابقون.
فقال علي رحمة الله عليه : فكيف يحسبون أنهم يسبقون يا رسول الله ومن ورائهم الموت؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا علي إنهم لم يسبقوا قضاء الله الذي قضى فيهم الموت.
ثم أنزل : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٥) [العنكبوت : ٥] ، بحق (١) أن من رجا لقاء الله أن يستعد لأجل الله ، وأن يكون تائبا تابعا لطاعته ، مجتنبا لخلاف الله ومعصيته ، وأن يعلم أن الله يعلم ما يعمل ، ويسمع ما يقول ، ولذلك قال الله سبحانه : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
ثم أنزل الله : (وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٦) [العنكبوت : ٦] ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قد قضى الله على المؤمنين عند الفتنة بعدي الجهاد. فقال علي : يا رسول الله على ما يجاهد الذين يقولون آمنا؟! فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : تجاهدونهم (٢) على الإحداث في الدين. فقال علي : يا رسول الله إنك تقول تجاهدونهم كأني سأبقى بعدك إلى مجيء الفتنة ، فأعوذ بالله والرسول أن أؤخر بعدك ، فادع إلى ربك أن يتوفاني قبل ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه : ما كنت حقيقا أن تأمرني أن أدعو (٣) الله لك أن يقدم أجلك قبل ما أجّل الله وقضى! والله يقول سبحانه : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) [آل عمران : ١٤٥].
__________________
(١) هنا كلمة مهملة (بحقين) وما أثبت اجتهاد.
(٢) في المخطوط : يجاهدون. ولعل ما أثبت هو الصواب وما بعده من سؤال الإمام يشهد بذلك.
(٣) في المخطوط : أدع. والصواب ما أثبت.