وَالْمُنافِقاتُ ...) إلى قوله : (فَنَسِيَهُمْ) [التوبة : ٦٧] (١) ، بقولهم : نسوا الله أن يطيعوه وأن يذكروه كما أمرهم فنسيهم من ثوابه ، والنسيان هاهنا : الترك. نسأل الله أن يجعلنا من المتقين المطيعين لله ولرسوله برحمته.
٣٠٣ ـ وسألت : عمن يقول : أنا مؤمن إن شاء الله ، وعمن يقول : أنا مؤمن لا أشك في إيماني والصواب في ذلك؟
فالمؤمن : هو الذي لا يشك في إيمانه ، والمؤمن حقا الذي لا يفعل شيئا من معاصي الله. وإذا سئل الإنسان عن (٢) نفسه أهو مؤمن؟ فإن قال : مؤمن حقا زكّى نفسه ، وإن قال : أنا مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبجميع ما افترض الله على عباده. فقد صدق على نفسه ، إلا أن الإيمان قول وعمل ، فإذا وافق القول العمل بالطاعة لله فهو مؤمن حقا.
والإيمان على ثلاثة وجوه :
إيمان يلزم إذا قال العبد لا إله إلا الله محمد رسول الله فيلزم اسم الإيمان.
وإيمان بالله.
وإيمان عند الله.
فأما الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبجميع ما افترض على عباده ، فلا يجوز ذلك بالشك.
والإيمان عند الله أن يقول العبد : أنا مؤمن عند الله حقا ، لأن الله يقول : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) (٣٢) [النجم : ٣٢].
٣٠٤ ـ وسألت : متى يكون العبد مؤمنا مستوجبا للجنة؟
فذلك إذا أدى ما افترض الله عليه ، واجتنب ما نهى الله عنه ، فلا يقول : إني مستوجب الجنة جزما ، لأنه لا يدري بأي شيء يختم عمله ، ولكن يقول : إن مت على
__________________
(١) الآية (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ).
(٢) في المخطوط : من. ولعل الصواب ما أثبت.