بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي منّ علينا بوحي كتابه وتنزيله ، وبما ولي تبارك وتعالى من أحكامه وتفصيله ، بالإعراب والتبيين ، وبما جعل فيه من دلائل الي قين ، على وحدانيته ودينه ، وبما نوّر في ذلك من تبيينه ، وقوّم سبحانه من صراطه وسبيله ، بما شرع فيه من تحريمه وتحليله ، وأقام به على كل صالحة مرشدة من دليله ، وفصّل سبحانه من كلامه فيه وقيله ، ومن أصدق من الله قيلا ، وأحكم لكلّ شيء تفصيلا ، فنزله بنور هداه تنزيلا ، فلم يغب في ذلك كله عنه من الهدى غائب ، ولم (١) يخب من طلاب الهدى (٢) به ولا فيه قط خائب ، فيعدم من الهدى مراد مطلوب ، ولا يحتجب عن الطالب له من هداه محجوب ، أنزله الله بتفصيله إنزالا ، فقال تبارك وتعالى ، فيما نزّل منه (٣) لرسوله ، صلى الله عليه وعلى أهله : (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً) [الأنعام : ١١٤]. فجعله منه بفضله ورحمته وحيا منزلا ، وقال سبحانه فيه : (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٥٢) [الأعراف : ٥٢]. وقال سبحانه في تنزيله ، وما منّ به فيه (٤) من تفصيله : (حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤)) [فصلت : ١ ـ ٤]. فجعله سبحانه لعباده بشيرا ونذيرا ، ووضعه للمؤمنين برحمته سراجا منيرا.
__________________
(١) في (ب) : ولا.
(٢) في (أ) و (ب) : الهداية ولا.
(٣) في (أ) و (د) : ولا يحتجب عن الطلب له في هداه فيه محجوب. و (ب) : ولا يحتجب عن هداه فيه محجوب.
(٤) سقط من (ج) و (د) و (ه) : فيه.