الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ). (١)
ثمّ أردف هذه الآيات بقوله : ( هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ ) فاندكاك السدّ من أشراط الساعة غير انّه لم يعلم انّه من القسم الأوّل الذي يتحقق مع وجود الإنسان على الأرض أو من القسم الثاني.
ولعلّ الآية التالية تكشف اللثام عن وجه الحقيقة.
٣. ( حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ). (٢)
إنّ قوله سبحانه في هاتين الآيتين : ( حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ) بمنزلة قوله سبحانه في الآية السابقة : ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ ) وحيث إنّ الآيتين تحكيان عن استيلاء يأجوج ومأجوج على السدّ ، وانسلالهم من الاتلال والأحداب إلىٰ ذلك الجانب ، فيعلم انّ الدكّ إنّما يتحقق قبل قيام الساعة والإنسان بعدُ في الدنيا ، فيكون من أشراط الساعة والصنف الأوّل منها.
٤. ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ). (٣)
والمراد انّ نزول عيسىٰ من أشراط الساعة يعلم بها قربها ( فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا ) بالساعة فلا تكذّبوا بها ولا تشكّوا فيها. والقراءة المعروفة هي العلم على وزن الحلم ، وقرأ ابن عباس وقتادة والضحاك « علم » علىٰ وزن سلف بمعنى العلامة. (٤)
__________________
١. الكهف : ٩٦ ـ ٩٧.
٢. الأنبياء : ٩٦ ـ ٩٧.
٣. الزخرف : ٦١.
٤. مجمع البيان : ٩ ـ ١٠ / ٨٢.