غير انّ هناك بحثاً آخر وهو انّ نزول عيسى عليهالسلام من أعلام القيامة وأشراطها ، فهل المراد تولده ثمّ بعثه إلى بني إسرائيل ؟ أو المراد هو نزوله عند ظهور المهدي ؟ يظهر من بعض الروايات انّ المراد هو المعنى الثاني.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم ، وإمامكم منكم ».
وروي أيضاً أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « لا تزال طائفة من أُمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين إلىٰ يوم القيامة ، فينزل عيسىٰ ، فيقول أميرهم : تعال صلِّ بنا. فيقول : لا ، إنّ بعضكم على بعض أُمراء ، تكرمة الله هذه الأُمّة ». (١)
وهناك احتمال آخر وهو انّ الهدف من سرد قصة المسيح عليهالسلام وحياته هو إزاحة الشكّ والغموض عن قيام الساعة ، لأنّ حياة المسيح منذ ولادته إلى عروجه معجزة من معاجز الله تبارك وتعالى ، فالقيامة أيضاً كذلك ، فلا معنى للتبعيض بينهما ، ويؤيد ذلك الاحتمال قوله في الآية : ( فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا ).
يقول الطباطبائي في تفسيره : إنّ عيسى يعلم به الساعة في خلقه من غير أب وإحيائه الموتى فيعلم به انّ الساعة ممكنة فلا تشكّوا في الساعة ولا ترتابوا فيها البتة. (٢)
وهذا التفسير لا ينافي التفسير الأوّل ، إذ لا منافاة بين أن يكون المسيح بوجوده دليلاً على إمكان القيامة وفي الوقت نفسه آية من آياتها.
٥. ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ *
__________________
١. جامع الأُصول لابن الأثير : ١١ / ٤٧ ـ ٤٨.
٢. الميزان : ١٨ / ١١٨.