قابلية إدراك الفعل الحسن أو القبيح واقعاً ، فالموضوع لحكمه هو فعل الفاعل المختار وانّه ينقسم إلى حسن وقبيح.
وبذلك يظهر انّ حكمه على الموضوع بأحد الوصفين حكم عام يعمّ فعل الواجب والممكن دون مدخلية لوجود الفاعل وجوباً أو إمكاناً ، فالفعل بما هو صادر عن فاعل عالم مختار إمّا حسن يجب العمل به ، وإمّا قبيح يجب الاحتراز عنه. إلاّ أنّ الله سبحانه لا يقوم إلاّ بالفعل الحسن ، وبالتالي لا يتعامل مع عباده إلاّ بالعدل ، يقول سبحانه :
( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ). (١)
وقال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا ). (٢)
بل هو لا يظلم ولا ينسب إليه الظلم أبداً ، قال سبحانه : ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ). (٣)
أي لا ينسب الظلم إليه ، نظير قول القائل في النيل من خصمه : « وليس بنبّال » أي لا صلة بينه وبين رمي النبل.
نعم ربما يقال بعجز العقل عن إدراك محاسن الأفعال ومساويها وبالتالي لا يمكن الوصول إليها إلاّ من خلال تنصيص الشرع. وقد أوضحنا وهن ذلك القول في بحوثنا الكلامية ، وذكرنا انّ لازمه عدم إمكان الحكم بالحسن والقبح مطلقاً لا عقلاً ولا شرعاً. (٤)
__________________
١. آل عمران : ١٨. |
٢. يونس : ٤٤. |
٣. فصلت : ٤٦.
٤. لاحظ كشف المراد : ٥٩ ، الفصل الثالث ، المسألة الأُولىٰ في إثبات الحسن والقبح العقليين عند قول الماتن : « ولانتفائهما مطلقاً لو ثبت شرعاً ».