( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ). (١)
والآيتان صريحتان في أنّ الملائكة الموكّلين يكتبون الأعمال ظاهرها وخفيّها ، ولكن ليس فيها تصريح بالاحتجاج بهما يوم القيامة ، وبما انّ كتابة الأعمال يجب أن تكون مقترنة بالغرض ليخرج عن كونه عبثاً ، فلا محيص من القول بأنّ الكتابة مقدمة للاحتجاج بها على العباد ، وهذا ( أي الاحتجاج بصحائف الأعمال ) هو الظاهر من الآيات التالية :
قال سبحانه : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ ). (٢)
وليس إشفاقهم إلاّ لأجل انّهم يجدون فيه جليل أعمالهم ودقيقها ، كما يقول سبحانه حاكياً عن لسان المشركين : ( مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ). (٣)
ويقول سبحانه : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ المُبْطِلُونَ * وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا ... * هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالحَقِّ ) (٤).
ويستفاد من بعض الآيات أنّ صحيفة الأعمال تُعلَّق على عنق الإنسان ، يقول سبحانه : ( وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ). (٥)
وثمة سؤال ، وهو انّ ما جاء في تلك الصحف لا يتجاوز عن كونها صحفاً نسب فيها إلى الإنسان عدّة جرائم ، فكيف يمكن أن يحتج بها على الإنسان ؟
__________________
١. الزخرف : ٨٠.
٢. الكهف : ٤٩.
٣. الكهف : ٤٩.
٤. الجاثية : ٢٧ ـ ٢٩.
٥. الإسراء : ١٣.