والجواب : انّ واقع هذه الصحف غير معلوم لنا ، ونحن نتصوّر أنّها صحف كصحف الدين وانّ صحيفة عمل كلّ إنسان كاضبارة المحاكم ، فعندئذٍ يطرح السؤال التالي : كيف يمكن ، أن يحتج بالصحيفة المجردة عن الاعتراف بالذنب ؟
والجواب : يمكن أن تكون واقع الصحف على نحو لا يمكن للإنسان إنكار ما سجِّل فيها ; ولأجل ذلك يقول سبحانه : ( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ). (١)
وقد تقدّم في آية أُخرى أنّ المجرم حينما يرىٰ صحيفة أعماله يعترف بأنّه ما غادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها.
وهذا السؤال ونظائره ناجم من قياس حال هذه النشأة بالنشأة الأُخرى ، مع أنّ النشأتين متشابهتان لا متماثلتان ، ولا يمكن إجراء حكم هذه النشأة في الآخرة.
وتشير بعض الروايات إلىٰ محاولة الشغب التي يثيرها بعض المجرمين بغية إنكار ما سجِّل في صحيفة أعمالهم ، وربَّما يحلفون بأنّهم لم يفعلوا ذلك فعندئذٍ تشهد عليهم أعضاؤهم وجوارحهم على ما اقترفوه فيُفحمون.
روى القمي في تفسير قوله سبحانه : ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ). (٢)
قال : « إذا جمع الله الخلق يوم القيامة دفع إلى كلّ إنسان كتابه فينظرون فيه فينكرون أنّهم عملوا من ذلك شيئاً ، فيشهد عليهم الملائكة فيقولون : يا ربّ ملائكتك يشهدون لك ، ثمّ يحلفون انّهم لم يعملوا من ذلك شيئاً وهو قوله :
__________________
١. الإسراء : ١٤.
٢. يس : ٦٥.