ويتناوب معها ، فهو يمرُّ كالبرق الخاطف على الصراط ، وأمّا الإنسان الذي يلبي كافة غرائزه الحيوانية الجامحة ولا يولي أهمية للشريعة فهو يسقط في هاوية الجحيم ولا يجتاز الصراط ، وبينهما مراتب متفاوتة حسب اختلاف سلوك الإنسان في العمل بالشريعة.
وأمّا كون الصراط أحدُّ من السيف وأدقّ من الشعرة ، فقد فسره الشيخ المفيد بقوله : إنّ المراد لا يثبت لكافر قدم على الصراط يوم القيامة من شدّة ما يلحقهم من أهوال يوم القيامة ، ومخاوفها فهم يمشون عليه كالذي يمشي على الشيء الذي هو أدق من الشعرة وأحد من السيف ، وهذا مثل مضروب لما يلحق الكافر من الشدة في عبوره على الصراط ، وهو طريق إلى الجنة وطريق إلى النار يشرف العبد منه إلى الجنة ويرى من أهوال النار وقد يمر به عن الطريق المعوج ، فلهذا قال الله تعالى : ( وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا ). (١)
فميّز بين طريقه الذي دعا إلى سلوكه من الدين وبين طرق الضلال ، وقال الله تعالى فيما أمر به عباده من الدعاء وتلاوة القرآن : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ) (٢) فدلّ على أنّ سواه صراط غير مستقيم وصراط الله تعالى دين الله. وصراط الشيطان طريق العصيان ، والصراط في الأصل ـ علىٰ ما بيناه ـ هو الطريق والصراط إلىٰ يوم القيامة ، هو الطريق المسلوك إلى الجنة أو النار. (٣)
وعلىٰ ضوء هذا فالعمل بالحقّ والحقيقة والسير على ضوء البعد الملكوتي للإنسان هو الصراط الذي يسير عليه المؤمن وينتهي به إلى الجنة ، كما أنّ الجنوح إلى الشهوات والانقياد للبعد الحيواني طريق إلى النار ، فالأوّل صراط المؤمن ،
__________________
١. الأنعام : ١٥٣.
٢. الحمد : ٦.
٣. تصحيح الاعتقاد : ٥١.