الأوّل : قصة آدم وحواء وإسكانهما الجنة ثمّ إخراجهما عنها بأكل الشجرة وكونهما يخصفان عليهما من ورق الجنة على ما نطق به الكتاب والسنّة وانعقد عليه الإجماع قبل ظهور المخالفين ، وحملها على بستان من بساتين الدنيا يجري مجرى التلاعب بالدين والمراغمة لإجماع المسلمين. (١)
ولكن هذا الاستدلال لا يصمد أمام النقاش لاحتمال أن يكون المراد من الجنة هي الدنيا لأنّ جنة الآخرة مكتوب عليها الخلود ، يقول سبحانه : ( قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ ). (٢)
كما أنّ القرآن الكريم يصف الواردين عليها بأنّهم خالدون ، يقول سبحانه : ( وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ). (٣)
وعلى ضوء ذلك فلا عتب علىٰ من يحملها على جنة الدنيا.
نعم ثمة احتمال آخر ربما يؤيد انّ المراد هو جنة الآخرة ، وذلك بنقد ما قيل من أنّه لو كان المراد هو جنة الآخرة لما خرج عنها وذلك بتخصيص الخلود بمن يدخل فيها لأجل عقيدته الصحيحة وأعماله الصالحة فهؤلاء هم الذين كتب عليهم الخلود ، وجزاؤهم غير مقطوع ، قال سبحانه : ( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ). (٤)
وأمّا الذي أو التي ولد أو ولدت فيها فلا دليل على خلودهم ، فلا يكون خروج آدم ولا زوجه عنها منافياً لآيات الخلود.
__________________
١. شرح المقاصد : ٢١٨ ، ط آستانة.
٢. الفرقان : ١٥.
٣. البقرة : ٢٥.
٤. هود : ١٠٨.