فقال : « حدثني أبي عن آبائه ، عن علي عليهالسلام قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي ، فأمّا المحسنون منهم فما عليهم من سبيل ». (١)
فلو دلّت الآية على أنّ قاتل المؤمن خالد في النار فليس معناه انّ الخلود حكم قطعي في حقّه بحيث لا يمكن أن يتغيّر أو يتبدّل ، بل معناه وجود المقتضي للخلود لو لم يمنع عنه مانع وهو شمول الشفاعة له.
يقول صدر المتألهين : إنّ الأشياء كلّها طالبة لذاتها للحق ، مشتاقة إلى لقائه بالذات ، وانّ العداوة والكراهة طارئة بالعرض ، فمن أحب لقاء الله بالذات أحب الله لقاءَه بالذات ، ومن كره لقاء الله بالعرض لأجل مرض طار علىٰ نفسه ، كره الله لقاءه بالعرض ، فيعذبه مدة حتى يبرأ من مرضه ويعود إلىٰ فطرته الأُولى أو يعتاد بهذه الكيفية المرضية زال ألمه وعذابه لحصول اليأس ، ويحصل له فطرة أُخرى ثانية ، وهي فطرة الكفار الآيسين من رحمة الله الخاصة بعباده.
وأمّا الرحمة العامة فهي التي وسعت كلّ شيء ، كما قال تعالى : ( عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ). (٢)
ثمّ نقل عن القيصري في شرح الفصوص كلاماً في خلود أهل النار ، جاء فيه : انّ من اكتحلت عينه بنور الحقّ يعلم انّ العالم بأسره عباد الله وليس لهم وجود وصفة وفعل إلاّ بالله وحوله وقوته ، وكلّهم محتاجون إلىٰ رحمته وهو الرحمن الرحيم ، ومِنْ شأن مَن هو موصوف بهذه الصفات أن لا يعذب أحداً عذاباً أبداً ، وليس ذلك المقدار أيضاً إلاّ لأجل إيصالهم إلى كمالهم المقدر لهم ، كما يذاب الذهب
__________________
١. توحيد الصدوق : ٤٠٧ ، الباب ٦٣ ، الحديث ٦.
٢. الأعراف : ١٥٦.