القائل ولا غيره.
وثانيا : أن ما وقع الخلاف في لزوم دفعه إنما هو الضرر الدنيوي لا الأخروي ، ومن ثم لم يخالف أحد في لزوم الفحص في موارد الشبهات الحكمية مع أنه ليس هناك إلّا احتمال العقاب ، فتحصل أن الظن كما لا يكون حجة ثبوتا لا يكون حجة سقوطا.
ثم أن ما أفاده قدسسره من حجية الظن عقلا بثبوت مقدمات طروء حالات قد ظهر فساده مما قدمناه آنفا ، فان تقرير الانسداد بنحو الحكومة لا يقتضي حجية الظن أصلا ، وإنما يوجب تضييق دائرة الاحتياط في مقام الامتثال ، فطروء الحالات لا يوجب حجية ما لم يكن حجة في نفسه ، بل يوجب تضييق دائرة الاحتياط في المظنونات ورفع اليد عنه في المشكوكات والموهومات ، فحجية الظن منحصرة بالجعل الشرعي واعتباره سواء كان الكاشف عنه الدليل الخاصّ أو تمامية مقدمات الانسداد على الكشف. ومن ذلك يظهر أن في التعبير بالحجة عن الظن الانسدادي على الحكومة مسامحة واضحة.
ثم إنك بعد ما عرفت أن الظن لا يكون حجة ذاتا نتكلم في إمكان التعبد به أولا ، ثم في وقوعه. وليعلم قبل ذلك أن مرادهم من الإمكان في المقام ليس الاحتمال الّذي هو المراد من قولهم (كلما قرع سمعك فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه ساطع البرهان) لوضوح أن الاحتمال أمر تكويني غير قابل للنزاع. وهكذا ليس المراد منه الإمكان الذاتي في مقابل الاستحالة الذاتيّة ، لوضوح أن التعبد بالظن ليس من الأمور التي يحكم العقل باستحالته بمجرد لحاظه وتصوره كاجتماع الضدين ، وإنما المراد من الإمكان هو الإمكان الوقوعي في قبال الاستحالة الوقوعية ، فالنزاع في أنه هل يلزم من وقوع التعبد بالظن محال مطلقا كاجتماع الضدين أو النقيضين ، أو بالقياس إلى خصوص الحكيم كتحليل الحرام أو بالعكس أم لا؟ ظاهر الشيخ قدسسره هو الإمكان ، بدعوى : أن بناء العقلاء إنما هو على الحكم بإمكان الشيء ما لم يجدوا