وردّه في الكفاية (١) بان الموضوع في القضية هو النبأ ، وما علق عليه الحكم بوجوب التبين كون الآتي به فاسقا ، وهو متين. وتوضيحه ببيان أمور.
الأول : ان مناط ثبوت المفهوم رجوع القيد إلى الحكم ، فلو كان راجعا إلى الموضوع كما في قولك «زيد الجائي أكرمه» أو إلى المتعلق كما لو قال : «الصلاة في يوم الجمعة واجبة» فلا دلالة فيه على المفهوم أصلا ، وقد أثبتنا حجية مفهوم الشرط ، لما استظهرناه من ظهور أداة الشرط في تعليق مفاد جملة بجملة ، أعني به تعليق الحكم الثابت في الجزاء على الشرط ، وبهذا صرح أهل العربية والمنطق.
الأمر الثاني : ان الجزاء تارة : يكون في نفسه معلقا على الشرط عقلا ، ولا دخل للمولى فيه ، وان وجد منه تعليق فهو إرشاد إلى ذلك كما لو قال : «ان رزقت ولدا فاختنه» وأخرى : يكون التعليق بحكم الشارع فقط ، وأمثلته في الشريعة كثيرة. فما كان التعليق من قبيل الأول فالقضية في مثله مسوقة لبيان الموضوع ، ولا مفهوم له ، وأما ما كان من قبيل الثاني فالتعليق فيه يفيد المفهوم ، وهذا هو الميزان الكلي في كون القضية الشرطية ذات مفهوم وعدمه.
الأمر الثالث : الموضوع في القضية الشرطية قد يكون مركبا من جزءين ، أحدهما مما يتوقف عليه الجزاء عقلا دون الآخر ، كما إذا قيل «ان ركب الأمير ، وكان ركوبه يوم الجمعة ، فخذ بركابه» فان توقف الجزاء على أصل الركوب عقلي ، وعلى كونه في يوم الجمعة شرعي مولوي ، ففي مثل ذلك يثبت لها المفهوم بالإضافة إلى خصوص الجزء الّذي لا يتوقف عليه تحقق الجزاء عقلا ، ولا يكون لها مفهوم بالإضافة إلى الجزء الآخر ، والوجه في ذلك يظهر مما تقدم.
ثم ان تمييز الجزء الّذي أخذ موضوعا في مقام الإثبات عن الجزء الآخر
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٨٣.