الوجه الثاني : من الوجوه العقلية التي استدل بها على حجية الخبر ما ذكره في الوافية (١) ، وحاصله : انا نعلم تفصيلا ببقاء التكليف بالصلاة والصوم ونحوهما من الضروريات ، وليس لنا علم تفصيلي باجزائها وشرائطها ، فإذا تركنا العمل بمؤديات الأمارات ، واقتصرنا على خصوص ما علمنا من الاجزاء والشرائط خرجت هذه الأمور عن حقائقها ، لأن الضرورية من الاجزاء والشرائط ليست إلّا أمورا معدودة بحيث نقطع بعدم صدق العناوين المزبورة على ما هو المتيقن دخله فيها ، فلا مناص من الرجوع إلى الاخبار المودعة في الكتب المعتبرة للشيعة.
وقد أورد عليه الشيخ رحمهالله.
أولا : بان العلم الإجمالي حاصل بوجود الاجزاء والشرائط بين جميع الاخبار لا خصوص المشروطة منها (٢) بما ذكره ، إلى ان قال : فاللازم حينئذ اما الاحتياط والعمل بكل خبر دل على جزئية شيء أو شرطيته ، واما العمل بكل خبر ظن صدوره مما دل على الجزئية أو الشرطية.
ولا يخفى ما فيه : فان سعة أطراف العلم الإجمالي وضيقها يتبعان علم الأشخاص ، ولعل صاحب الوافية يجد من نفسه انحلال علمه بالعمل بالأخبار المشتملة على الشرائط التي ذكرها بالبيان المتقدم.
نعم يرد على هذا الوجه ما أورده ثانيا وحاصله : رجوع ذلك إلى الوجه الأول مع تغيير في العبارة ، غير ان دائرة العلم الإجمالي فيه أضيق من أطراف العلم الإجمالي في الوجه السابق ، فلا يقتضي إلّا وجوب العمل بالأخبار المثبتة للاجزاء والشرائط ، ولا يعم الاخبار النافية التي ورد على خلافها عموم ، أو إطلاق ، أو أصل عملي ، كما هو المدعى في المقام.
__________________
(١) الوافية : ١٥٩.
(٢) فرائد الأصول : ١ ـ ٢١٩ (ط. جامعة المدرسين).