الوجه الثالث : من الوجوه العقلية ما حكى عن صاحب الحاشية (١) ، وحاصله : انا نعلم علما قطعيا بلزوم الرجوع إلى السنة بحديث الثقلين وغيره مما دل على ذلك ، فيجب علينا العمل بما صدر من المعصومين عليهمالسلام فان أحرز ذلك بالقطع فهو ، وإلّا فلا بد من الرجوع إلى الظن في تعيينه ، ونتيجة ذلك وجوب الأخذ بما يظن بصدور.
وفيه : ما ذكره المحقق النائيني تبعا للشيخ رحمهالله من رجوعه اما إلى الوجه الأول ، واما إلى دليل الانسداد (٢) فانه ان أراد بالسنة الروايات الحاكية لقول المعصوم عليهالسلام أو فعله أو تقريره ، فلا دليل على وجوب العمل بها عقلا غير دعوى العلم الإجمالي بصدور جملة منها ، وهذا عين الأول. وان أريد بها نفس قول المعصوم ، أو فعله ، أو تقريره فوجوب العمل بها وان كان أمرا ضروريا لكنه لا ملازمة بينه وبين وجوب العمل بالأخبار الحاكية للسنة ، المحتمل عدم مطابقتها للواقع إلّا مع ضم بقية مقدمات الانسداد إلى دعوى العلم ببقاء التكليف ولزوم العمل بما صدر عن المعصومين واقعا.
ومن هذا يظهر فساد ما أفاده في الكفاية (٣) من عدم رجوع هذا الوجه إلى أحد الأمرين المزبورين ، وانه وجه مستقل برأسه ، زعما منه ان القائل به يدعى وجوب الرجوع إلى نفس الاخبار الحاكية مع قطع النّظر عن العلم الإجمالي بصدور بعضها وعن تمامية مقدمات الانسداد ، وجه الظهور : انه لا وجه لدعوى القطع بوجوب العمل بما يحتمل مخالفته للواقع إلّا الجعل الشرعي ، المفروض عدم ثبوته في المقام ، أو العلم الظني عند عدم التمكن من القطعي ، ومع قطع النّظر عن جميع ذلك لا
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٣٩٨.
(٢) فوائد الأصول : ٣ ـ ٢١٢ ـ ٢١٣ ، فرائد الأصول : ١ ـ ٢١٩ (ط. جامعة المدرسين).
(٣) كفاية الأصول : ٢ ـ ١٠٧.