على ثبوت أحكام خاصة في موارد مخصوصة لا ينفي ثبوت الحكم في الموارد الأخر ، فلا ينحل العلم الإجمالي.
ولا يرد على هذا التقريب ما ذكره في الكفاية (١) من ان قيام الأمارة على التكليف في بعض الأطراف يوجب صرف تنجزه إلى ما إذا كان في ذاك الطرف ، كما إذا علمنا بحرمة إناء زيد وتردد بين إناءين ثم قامت البينة على أن أحدهما المعين إناؤه ... إلى آخر ما أفاده ، وذلك لأن محل كلامنا لا يقاس بالمثال الّذي ذكره ، إذ المعلوم بالإجمال في المثال أمر معين خاص ، فقيام الأمارة على تعيينه في أحد الطرفين ينفي كونه في الطرف الآخر بالالتزام ، وهذا بخلاف المقام ، فان المعلوم بالإجمال فيه أحكام لا تعين لها ، وليس لها عنوان ولا علامة.
فالصحيح : ان يجاب عن الاستدلال المزبور.
أولا : بالنقض بالشبهات الوجوبية والموضوعية ، فان هذا العلم الإجمالي لو كان مانعا عن الرجوع إلى البراءة في الشبهات الحكمية التحريمية كان مانعا عن الرجوع إليها في الشبهات الوجوبية وفي الشبهات الموضوعية أيضا ، مع انه خلاف مسلك الاخباري.
وثانيا : بالحل ، فان العلم الإجمالي بثبوت تكاليف واقعية ينحل بقيام الأمارات على تكاليف إلزامية بمقدار المعلوم بالإجمال ، بل أكثر ، بيانه : ان لنا علوم إجمالية ثلاثة.
الأول : علم إجمالي كبير ، ومنشؤه العلم بثبوت أصل الشريعة ، وأطراف هذا العلم كل ما يحتمل فيه التكليف.
الثاني : علم إجمالي متوسط ، ومنشؤه العلم بمطابقة بعض الأمارات للواقع
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ١٨٨.