وقد أجاب صاحب الكفاية (١) عن الأول بان التفريع لا يدل إلّا على ان الباعث للمكلف وداعيه على العمل هو رجاء الثواب والتماسه ، ولا يوجب ذلك تعنون العمل بهذا العنوان ، ولا كونه وجها لمحبوبيته.
وعن الثاني بان الحكم في الروايتين المشتملتين على التقييد إرشاد إلى حكم العقل بحسن الانقياد ، والإتيان بالعمل برجاء الثواب والمحبوبية ، ومن الظاهر ان الحكم الإرشادي لا يوجب تقييد المطلقات الدالة على الحكم المولوي ، بيان ذلك : ان الروايات الدالة على ترتب الثواب على نفس العمل ظاهرة في ثبوت الاستحباب الشرعي ، إذا الثواب لا يترتب إلّا على العمل الحسن عقلا أو المحبوب شرعا ، وحيث ان ذات العمل البالغ عليه الثواب لا حسن فيه عقلا ، فمن ترتب الثواب عليه يستكشف بنحو الآن استحبابه ، وهذا بخلاف الروايتين المقيد فيهما الثواب بما إذا أتى بالعمل رجاء ، فان الحكم فيه إرشادي لا محالة ، وكون الحكم فيهما إرشاديا لا يقتضي حمل الحكم في غيرهما على الإرشاد ورفع اليد عن ظهوره في المولوية ، إذ لا منافاة بين ثبوت الحكم الإرشادي للمقيد والحكم المولوي للمطلق ، انتهى.
والتحقيق : في الجواب عن المناقشين يقتضي تقديم مقدمة وهي : ان ترتب الثواب على العمل لا يمكن أن يكون داعيا إليه بلا واسطة بأن يؤتى به بداعي مجرد ترتب الثواب عليه ، وذلك فان الثواب إنما يترتب على العمل المأتي به قربيا ، فذات العمل في غير ما دل الدليل على ترتب الثواب على مطلق وجوده ، كنفس الصائم في شهر رمضان وكإدارة السبحة في اليد بعد الإتيان بالذكر الخاصّ في أول الصبح ونحوهما ، لا يترتب عليه الثواب ليصح الإتيان به بداعي ترتبه عليه فلا مناص في فرض كون الثواب داعيا إلى العمل من توسيط القربة ، وإضافة العمل إلى المولى
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ١٩٧.