حتى يصلّي في غيره مما قد أحلّ الله أكله» (١) ، فان صدر الحديث كبقية روايات المقام ظاهرة في المانعية ، واعتبار وقوع الصلاة فيما أحل الله أكله في ذيل الرواية غير ظاهر في الشرطية ، بل هو من جهة فرض وقوع الصلاة في أجزاء الحيوان ، فبعد الحكم ببطلانها إذا وقعت في غير المأكول لا بد في صحتها من وقوعها في المأكول ، ولو لا الفرض المزبور لم يكن وجه لاعتبار وقوعها فيه بعد القطع بصحتها إذا وقعت في القطن والكتان وغيرهما مما ليس من أجزاء الحيوان.
ثم ان الظاهر أن المانعية انحلالية ، فان القضية الحقيقية في نفسها ظاهرة في ذلك ، فكما أن النواهي الواردة في المقام لو كانت تحريمية تكليفية كانت ظاهرة في الانحلال ، كذلك إذا كانت إرشادية ، إذ لا فرق في ظهور القضية في الانحلال بين كون الحكم المذكور فيها إرشاديا وعدمه ، كما هو ظاهر ، وعليه فالشك في كون موجود خارجي من أجزاء ما لا يؤكل لحمه شك في تعلق تكليف ضمني به زائدا على المقدار المعلوم ، وهو مورد للبراءة. ثم لو تنزلنا عن ذلك فغاية الأمر أن يكون المطلوب بهذه النواهي مجموع التروك ، وعليه أيضا لا بد من الرجوع إلى البراءة ، لأن الشك في كون شيء من غير المأكول شك في اعتبار عدمه في متعلق التكليف الضمني المتعلق بمجموع التروك ، ولا فرق في جريان البراءة عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر بين دورانه في متعلق التكليف الاستقلالي أو الضمني ، والملاك فيهما أمر واحد ، وقد ذكرنا في محله أنه لا منافاة بين وحدة التكليف وتنجزه من جهة دون جهة ، فكل ما علم تعلق التكليف به وجب الإتيان به بحكم العقل ، وكل ما لم يعلم فيه ذلك جرى فيه البراءة.
وبعبارة أخرى : إذا استند ترك المأمور به إلى ترك ما علم كونه جزء له جاز للمولى أن يعاقب عليه ، وأما إذا استند تركه إلى ترك الجزء المشكوك فيه المرفوع
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٣ ـ باب ٢ من أبواب لباس المصلّي ، ح ١.