المولى ، ففي مثل ذلك يمكن المخالفة القطعية بإتيان العمل بغير قصد القربة ، فانها على تقدير كونها حائضا فقد أتت بالمحرم ، وإلّا فقد تركت الواجب ، ولأجل ذلك كان العلم الإجمالي منجزا لا محالة وان لم تجب الموافقة القطعية لتعذرها ، بيان ذلك : ان العلم الإجمالي على ما سنبينه إن شاء الله تعالى على أربعة أقسام :
الأول : ما يمكن فيه الموافقة القطعية والمخالفة القطعية كما هو الغالب.
الثاني : ما لا يمكن فيه الموافقة ولا المخالفة القطعيتان ، كموارد دوران الأمر بين المحذورين في ما لم يكن شيء من الحكمين المحتملين تعبديا.
الثالث : ما يمكن فيه المخالفة القطعية دون الموافقة القطعية ، كالمثال المتقدم ، وكما لو علم إجمالا بوجوب أحد الضدين اللذين لهما ثالث في آن واحد.
الرابع : عكس الثالث ، بان يمكن فيه الموافقة القطعية دون المخالفة القطعية ، كما فيما لو علم بحرمة أحد الضدين اللذين لهما ثالث في وقت واحد ، فانه يمكن فيه العلم بالموافقة بتركهما ، ولا يمكن فيه العلم بالمخالفة بفعلهما ، لاستحالة الجمع بين الضدين. وكذا الحال في جميع موارد الشبهات غير المحصورة في الشبهات التحريمية ، فانه لا يمكن فيها المخالفة القطعية ، لعدم إمكان ارتكاب جميع الأطراف ، ولكنه يتمكن من الموافقة القطعية بترك الجميع.
إذا عرفت هذا فاعلم انه لا أثر للعلم الإجمالي في القسم الثاني من الأقسام المزبورة ، فتجري الأصول في أطرافه كما مر. واما غيره من الأقسام الثلاثة ، فالأصول في أطراف العلم الجمالي في مواردها متعارضة على ما سيجيء الكلام فيه عن قريب إن شاء الله ، ويترتب على ذلك تنجيز العلم الإجمالي من حيث حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية ، أو إحدى الجهتين دون الأخرى. وبعبارة أخرى : إذا تساقطت الأصول في أطراف العلم الإجمالي فالحكم المعلوم بالإجمال يتنجز بالمقدار الممكن ، فان أمكن الموافقة والمخالفة القطعيتان فالتنجيز ثابت من