ولكن التحقيق : أنه لا مانع من إجراء أصالة الحل ، لعدم معارضتها بأصالة الطهارة في الطرف الآخر ، وذلك لما عرفت من أن العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي لا يترتب عليه تنجز الواقع إلّا بعد تساقط الأصول في أطرافه ، فإذا كان الأصل الجاري في الطرفين من سنخ واحد كأصالة الطهارة في المثال فلا مناص عن القول بعدم شمول دليله لكلا الطرفين ، لاستلزامه المخالفة القطعية ، ولا لأحدهما لأنه ترجيح بلا مرجح. وأما الأصل الطولي كأصالة الحل في المثال فلا مانع من شمول دليله للطرف المختص به كشرب الماء في المثال ، إذ لا يلزم منه ترجيح من غير مرجح بعد عدم شمول دليله في نفسه للطرف الآخر.
وبعبارة أخرى : ان دليل أصالة الطهارة بعد العلم بعدم شموله لكلا الطرفين نعلم بتخصيصه ، فلا بد من رفع اليد عنه ، اما في كلا الطرفين ، أو في أحدهما ، وحيث لا سبيل إلى الثاني ، لاستلزامه الترجيح بلا مرجح ، فلا محالة يتعين الأول ، وأما دليل أصالة الحل فهو بعمومه شامل لأحد الطرفين المعين دون الآخر ، فلا موجب لرفع اليد عنه ما لم يثبت تخصيصه. وهذا أحد الموارد التي يرجع فيها إلى الأصل المحكوم بعد سقوط أصل الحاكم ، ونظير ذلك في الفروع الفقهية كثيرة.
منها : ما لو علم نجاسة شيء في زمان وطهارته في زمان آخر ، وشك في المتقدم منهما ، فبعد تساقط الاستصحابين فيهما بالمعارضة يرجع إلى قاعدة الطهارة.
ومنها : ما إذا علم حلية شيء في زمان وحرمته في زمان آخر مع الشك في المتقدم ، فانه بعد سقوط الاستصحابين يرجع إلى أصالة الحل.
ومنها : ما إذا علمت المرأة حيضها في بعض أيام الشهر وطهرها في بعض أيامه الآخر ، وشك في المتقدم منهما ، فبعد تعارض الاستصحابين يرجع إلى أصالة البراءة.
واما القسم الثاني : وهو ما إذا كان الأصل الجاري في كل من الطرفين مماثلا