تقدم.
الثالث : ما ادعي من الإجماع على ذلك.
ويرده : أولا : ان هذه المسألة من المسائل المستحدثة التي لم يتعرض لها القدماء في كلماتهم ، فكيف يمكن في مثل ذلك دعوى الاتفاق من الفقهاء.
وثانيا : على فرض تحقق الاتفاق لا يكون كاشفا عن رأي المعصوم ، بل هو أمر علم استناد المفتين فيه على أحد الأمور المذكورة في كلماتهم.
الرابع : دعوى ان لزوم الاجتناب في الشبهة غير المحصورة مستلزم للحجر غالبا ، وهو منفي في الشريعة المقدسة.
ويرد عليه ان دليل نفي العسر والحرج انما يتكفل نفي الحكم عما يكون مصداقا للعسر والحرج فعلا ، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان وغير ذلك من الخصوصيات. واما ما يستلزم بنوعه الحرج وان لم يكن حراج بالإضافة إلى شخص خاص فلا دليل على رفعه ، وسيجيء تفصيل الكلام في ذلك عند التعرض لقاعدة نفي الضرر إن شاء الله.
ثم انه ربما يقال : بعدم شمول أدلة نفي العسر والحرج لأمثال المقام ، مما كان العسر في تحصيل الموافقة القطعية لا في متعلق التكليف نفسه ، بدعوى : انها ناظرة إلى أدلة الأحكام الأولية ، ومخصصة لها بما إذا لم يكن متعلقها حرجيا ، وبما ان المفروض فيما نحن فيه عدم الحرج في الإتيان بمتعلق التكليف ، وانما الحرج في تحصيل الموافقة القطعية الواجبة بحكم العقل ، فالأدلة المذكورة لا تدل على نفي وجوبه.
والجواب : عن ذلك سيأتي عند التعرض للقاعدة المزبورة.
الخامس : قوله عليهالسلام في رواية الجبن «أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم في جميع الأرضين» (١) بدعوى انه ظاهر في عدم تنجيز العلم الإجمالي عند كون
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٧ ـ باب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، ح ٥.