بقي الكلام فيما أفاده صاحب الكفاية من انه قد يجب الاجتناب على الملاقي ـ بالكسر ـ دون الملاقى وذكر له موردين (١).
الأول : ما إذا علم بالملاقاة ، ثم علم إجمالا نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ أو الطرف الآخر ، ولكن كان الملاقي حتى حدوث العلم خارجا عن محل الابتلاء ، فانه حينئذ تقع المعارضة بين الأصل الجاري في الملاقي ـ بالكسر ـ والأصل الجاري في الطرف الآخر واما الملاقى فلخروجه عن محل الابتلاء لا يكون مجرى لأصل من الأصول ، وإذا سقط الأصلان المزبوران وجب الاجتناب عن الملاقي بحكم العقل ، فإذا رجع الملاقي بعد ذلك إلى محل الابتلاء ودخل تحت قدرة المكلف لم يكن مانع من الرجوع إلى الأصل فيه ، لعدم ابتلائه بالمعارض ، فيكون حاله حال الملاقي في المسألة الأولى من حيث ان الشك فيه شك في حدوث حكم جديد ، يرجع فيه إلى الأصل.
المورد الثاني : ما لو تعلق العلم الإجمالي ابتداء بنجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ أو شيء آخر ، ثم حدث العلم بالملاقاة والعلم بنجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ أو ذلك الشيء من قبل ، مثال ذلك ما لو علم يوم السبت نجاسة الثوب أو الإناء الكبير ، ثم علم يوم الأحد نجاسة أحد الإناءين الكبير والصغير يوم الجمعة وملاقاة الثوب للإناء الصغير في ذلك اليوم ، فان نجاسة الثوب ولو فرض عدم احتمالها من غير ناحية ملاقاة الإناء الصغير إلّا انها قد تنجزت بالعلم الإجمالي الحادث يوم السبت من جهة تساقط الأصلين في طرفيه ، واما الإناء الصغير فالشك في نجاسته شك حادث ، ولا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه ، ولو فرضنا كونه حادثا في يوم السبت أو قبله لم يكن مانع أيضا من الرجوع إلى الأصل فيه ، إذ المفروض عدم كونه من
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٢٧.