البراءة الشرعية وعدمه وجهان ذهب صاحب الكفاية والمحقق النائيني قدسسره إلى الأول (١).
ولكن الصحيح ان جواز الرجوع إليها ملازم لجواز الرجوع إلى البراءة العقلية ، فان جرت البراءة العقلية جرت الشرعية أيضا ، وإلّا فلا ، بيان ذلك : ان عمدة ما توهم كونه مانعا من الرجوع إلى البراءة العقلية على ما عرفت منحصر في امرين.
الأول : لزوم تحصيل الغرض المعلوم في البين ، المردد بين كونه مترتبا على الأقل أو الأكثر.
الثاني : ان الأقل المتيقن وجوبه في البين على كل تقدير طبيعة مرددة بين المطلقة والمقيدة ، فكل من الإطلاقات والتقييد مشكوك فيه ، ومعه لا معنى للانحلال ، ضرورة انه متوقف على إثبات الإطلاق وعدم دخل الجزء المشكوك فيه في الواجب ، فما لم يثبت الإطلاق كان العلم الإجمالي باقيا على حاله ، ويكون الشك معه شكا في السقوط دون الثبوت.
ولا يخفى عليك ان كلا هذين الوجهين لو تم كان مانعا عن الرجوع إلى البراءة الشرعية أيضا.
اما الوجه الأول : فلأنّ الغرض المعلوم في البين لو لزم استيفاؤه على كل تقدير كما هو المفروض فلا أثر لشمول أدلة البراءة النقليّة مع الشك في حصول الغرض بإتيان الأقل ، إذ غاية ما يترتب عليه هو الحكم برفع الجزئية المجهولة ظاهرا ، ومن الواضح ان ارتفاعها كذلك لا يترتب عليه إحراز كون الغرض مترتبا على الأقل ، لعدم كونه من الآثار الشرعية ، وما لم يحرز ذلك لا يحكم العقل بحصول الامتثال ، فيجب الإتيان بالأكثر تحصيلا للقطع بحصوله. نعم لو كان ما دل على رفع الجزئية من
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٣٥. فوائد الأصول : ٤ ـ ١٦٢.