وان كان متينا ، فانّ الإطلاق عدم التقييد فيما من شأنه ذلك ، ولكن لا يعتبر في العدم والملكة الشأنية بحسب شخص المورد ، أو شخص الصفة ، بل يكفي القابلية بحسب النوع أو الصنف ، ولذا يطلق الأعمي على العقرب مع أنه غير قابل للبصر على ما قيل ، ولا يطلق الجاهل على الجدار لعدم قابليته للعلم ولو بحسب نوعه ، ويصح أن يقال الممكن جاهل بذات الواجب ، مع أن تعلق علمه به مستحيل ، وليس ذلك إلّا من جهة كفاية الشأنية النوعية أو الصنفية في العدم والملكة ، وعلى هذا فالحكم بالقياس إلى قيد خاص وإن لم يكن قابلا للتقييد لكن حيث أنه قابل للتقييد بنوع القيود لا يضر بالملكة استحالة التقييد الخاصّ ، وعليه فيستلزم استحالة تقييد الحكم بكل قيد ضرورية الإطلاق فيه أو التقييد بضده ، كما أن استحالة القدرة على بعض الأمور يستلزم ضرورية العجز عنه.
وبالجملة عدم قابلية المورد للتقيد بوصف لخصوصية في ذلك يستلزم ضرورية عدمه ولو كان ذلك من قبيل العدم والملكة ، لا أن استحالة الوجود تستلزم استحالة عدمه أيضا ، فانه ليس في الإطلاق وعدم التقييد منشأ للاستحالة من دور وغيره ، والمحذور إنما كان في التقييد فقط. هذا مضافا إلى أن الإهمال النّفس الأمري غير معقول بالإضافة إلى الحاكم ، سواء في ذلك الشارع والعقل والموالي العرفية ، وقد تقدم بيان ذلك في بحث التعبدي والتوصلي ، فإذا فرضنا أن تقييد الحكم بالعلم به مستحيل ومستلزم للدور فلا محالة يكون أحد الأمرين من إطلاقه بالقياس إليه أو تقييده بخلافه ضروريا ، وإذا لم يكن مقيدا بعدمه فلا محالة يكون مطلقا ، وإذا كان كذلك وقطع به المكلف يستحيل منعه عن العمل بقطعه لاستلزامه التناقض أو الجمع بين الضدين ، أما واقعا لو كان قطعه مصادفا للواقع ، وأما في اعتقاد القاطع لو كان مخالفا ، ويستحيل جعل حكم غير قابل لأن يصدق به المكلف ولأن يصير فعليا.
وأما ما أفاده من أخذ القطع بالحكم في موضوعه شرطا أو مانعا بمتمم الجعل