فقد ظهر فساده أيضا ، لأنه كان متوقفا على كون الجعل الأولى بنحو الإهمال ، وقد عرفت أنه لا محالة يكون مطلقا.
وأما ما أفاده من كون العلم مأخوذا في مسألة الجهر والإخفات والقصر والإتمام فليس كما ذكره وذلك لأن غاية ما يستفاد من تلك الأدلة إنما هو اجزاء أحدهما عن الآخر عند الجهل بالحكم ، لا أن الحكم مختص بالعالم به ، ويؤيده أن العنوان المأخوذ في الرواية الإجهار فيما ينبغي الإخفات فيه أو الإخفات فيما ينبغي الإجهار به ، وهذا ظاهر في ثبوت الحكم الأولي في حق الجاهل أيضا ، ويؤيد ما ذكرناه التسالم على ثبوت العقاب على الجاهل بالحكمين عند المخالفة في بعض الصور.
وأما ما أفاده من ثبوت المنع عن العمل بالقطع الحاصل من القياس لرواية «أبان» ففيه :
أولا : أن رواية «أبان» ضعيفة السند لا يمكن الاعتماد عليها.
وثانيا : إنه لا دلالة فيها على كونه قاطعا بالحكم. نعم يظهر منها أنه كان مطمئنا به ، ولذا قال : «كنا نسمع ذلك بالكوفة ، ونقول : انّ الّذي جاء به شيطان».
وثالثا : ليس فيها إشعار بالمنع عن العمل بالقطع ، وإنما أزال الإمام عليهالسلام قطعه ببيان أن السنة إذا قيست محق الدين ، نعم ظهورها في المنع عن الغور في المقدمات العقلية لاستنباط الأحكام الشرعية غير قابل للإنكار ، بل لا يبعد أن يقال ، إنه إذا حصل منها القطع وخالف الواقع ربما يعاقب على ذلك في بعض الوجوه.
وتلخص مما ذكر أن أخذ القطع الطريقي بالحكم في نفسه غير معقول ، وعلى تقدير إمكانه لا دليل على تقييد حكم من الأحكام به أصلا ، كما لا دليل على المنع عن العمل بالقطع مضافا إلى استحالته ، نعم أخذ العلم بالحكم بمرتبة في فعليته ممكن ،