الأول : المنع عن شمول أدلة الاستصحاب لمثل المقام ، بدعوى أنها لا تشمل إلّا ما كان اليقين سابقا على الشك زمانا ، والمقام ليس كذلك.
ويظهر الجواب عن ذلك بما سيجيء في بحث الاستصحاب من أن الاعتبار في جريانه إنما هو بتقدم زمان المتيقن على زمان المشكوك ، من دون فرق بين حدوث الوصفين معا وبين حدوث اليقين قبل الشك وعكسه.
الثاني : ما ذكره المحقق النائيني قدسسره من ان جريان الاستصحاب متوقف على كون الواقع المشكوك فيه أثرا شرعيا أو ذا أثر شرعي ، فإذا لم يكن في البين أثر شرعي أو كان الأثر مترتبا على نفس الشك المحرز وجدانا فلا معنى للاستصحاب حينئذ ، والمقام من هذا القبيل ، فان الأثر المرغوب فيه هو وجوب التعلم دفعا للضرر المحتمل ، ومن الظاهر أن وجوب دفع الضرر المحتمل مترتب على نفس احتمال الابتلاء ، واما واقع الابتلاء فليس له أثر شرعي ليتمسك بالاستصحاب للحكم بعدمه.
والجواب عنه : انه لا حاجة في جريان الاستصحاب إلى كون المستصحب مجعولا شرعيا أو ذا أثر شرعي ، بناء على هو الصحيح من كون المجعول في الاستصحاب هو الطريقية ، واعتبار بقاء اليقين السابق في ظرف الشك. نعم لا بد من وجود أثر عملي لهذا التعبد ، لئلا يلزم اللغوية ، وعليه فلا مانع من إجراء الاستصحاب ، وإحراز عدم الابتلاء فيما بعد ، فلا يجب التعلم ، لارتفاع موضوعه ، وهو احتمال الضرر بحكم الشارع.
ولكن التحقيق : عدم صحة جريان الاستصحاب في المقام ، فانّ الأدلة الخاصة الدالة على وجوب التعلم مانعة عن الرجوع إلى الاستصحاب المزبور ، لاستهجان تخصيصها بموارد العلم أو الاطمئنان بالابتلاء ، فيكون وجوب التعلم عند احتمال الابتلاء ثابتا بالدليل ، ومعه لا تصل النوبة إلى جريان الأصل العملي. هذا مع أن